قال أبو العباس: كان يقال: إذا رغبت في المكارم فاجتنب المحارم.
وكان يقال: أنعم الناس عيشاً من عاش غيره في عيشه.
وقيل في المثل السائر: من كان في وطن فليوطن غيره وطنه، ليرتع في وطن غيره في غربته.
قال: وأنتبه معاوية من رقدةٍ له، فأنبه عمرو بن العاص، فقال له عمرو: ما بقي من لذتك1? قال: عينٌ خرارة في أرض خوارة2، وعينٌ ساهرة لعينٌ نائمة، فما بقي من لذتك يا أبا عبد الله? قال: أن أبيت معرساً بعقيلة من عقائل العرب. ثم نبها وردان3، فقال له معاوية: ما بقي من لذتك? فقال: الإفضال على الإخوان، فقال له معاوية: اسكت، أنا4 أحق بها منك، قال5: قد أمكنك فافعل.
ويروى أن عمراً لما سئل قال: أن أستتم بناء مدينتي بمصر، وأن وردان لما سئل قال: أن ألقى كريماً قادراً في عقب إحسانٍ كان مني إليه، وأن معاوية سئل عن الباقي من لذته فقال: محادثة الرجال.
ويروى عن عبد الملك أنه قال: وقد سئل عن الباقي من لذته فقال: محادثة الإخوان في الليالي القمر6 على الكثبان العفر7.
وقال سليمان بن عبد الملك: قد أكلنا الطيب، ولبسنا اللين، وركبنا الفاره8، وأمتطينا العذراء، فلم يبق من لذتي إلا صديق أطرح بيني وبينه مؤونة التحفظ.