وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمرني ربي بتسع، الإخلاص في السر والعلانية، والعدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وأن أعفو عمن ظلمني، وأصل من قطعني، وأعطي من حرمني، وأن يكون نطقي ذكراً، وصمتي فكراً، ونظري عبرة".
حدثت أنه التقى حكيمان، فقال أحدهما للآخر: إني لأحبك في الله، فقال له الآخر: لو علمت مني ماأعلمه من نفسي لأبغضتني في الله. فقال له صاحبه: لو علمت من ما تعلمه من نفسك لكان لي فيما أعلمه من نفسي شغل. وكان مالك بن دينار يقول: جاهدوا أهوءاكم كما تجاهدون أعداءكم.وكان يقول: ما أشد فطام الكبير.
وقيل لعمر بن عبد العزيز: أي الجهاد أفضل فقال: جهادك هواك.
وكان الحسن يقول: حادثوا هذه القلوب، فإنها سريعة الدثور. واقدعوا هذه الأنفس فإنها طلعة، وإنكم إلا تقدعوها تنزع بكم إلى شر غاية.
قوله: "حادثوا" مثل، ومعناه: اجلوا واشحذوا، تقول العرب: حادث فلان سيفه إذا جلاه وشحذه، وقال زيد الخيل:
وقد علمت سلامة أن سيفي ... كريه كلما دعيت نزال
أحادثه بصقل كل يوم ... وأعجمه بهامات الرجال
قوله: "أعجمه بهامات الرجال": أي أعضه، يقال عجمه إذا عضه والدثور الدروس يقال: دثر الربع إذا مح1 ومعناه: تعهدوها بالفكر والذكر. وقوله: "فإنها طلعة"، يقول: كثيرة التشوف والتنزي إلى ما ليس لها. وأنشد الأصمعي:
زلا تمليت2 من مال ولا عمر ... إلا بما سر3 نفس الحاسد الطلعه