بائعة الفهود ومستعملة الرجال، مع ما أتلفت من مال الله في المبارك1، فإنك ادعيت أنك أنفقت عليه اثني عشر ألف ألف درهم. والله لو كنت من ولد عبد الملك بن مروان ما احتمل لك أمير المؤمنين ما أفسدت من مال الله، وضيعت من أمور المسلمين، وسلطت من ولاة السوء على جميع أهل كور عملك، تجمع إليك الدهاقين2 هدايا النيروز والمهرجان، حابساً لأكثره، رافعاً لأقله، مع مخابث مساويك التي قد أخر أمير المؤمنين تقريك بها، ومناصبتك أمير المؤمنين في مولاه حسان، ووكيله في ضياعه وأحوازه في العراق، وإقدامك على ابنه بما أقدمت به، وسيكون لأمير المؤمنين في ذلك نبأ إن لم يعف عنك، ولكنه يظن أن الله طالبك بأمور أتيتها، غير تارك لتكشيفك عنها، وحملك الأموال ناقصة عن وظائفها التي جباها عمر بن هبيرة، وتوجيهك أخاك أسداً إلى خراسان، مظهراً العصبية بها، متحاملاً على هذا الحي من مضر، قد أتت أمير المؤمنين بتصغيره بهم واحتصاره لهم وركوبه أياهم الثقات، ناسياً لحديث زرنب3 وقصص الهجريين كيف كانت في أسد بن كرز، فإذا خلوت أو توسطت ملأ فاعرف نفسك، وخف رواجع البغي عليك وعاجلات النقم فيك.

واعلم أن ما بعد كتاب أمير المؤمنين هذا أشد عليك، وأفسد لك، وقبل أمير المؤمنين خلف منك كثير، في أحسابهم وبيوتاتهم وأديانهم، وفيهم عوض منك، والله من وراء ذلك.

وكتب عبد الله بن سالم سنة تسع عشرة ومائة.

4وهذا باب من متنخل طريف الشعر وذكر آيات من القرآن ربما غلط في مجازها النحويون4.

قال أبو العباس: هذا الكتاب قد وفيناه جميع حقوقه، ووفينا بجميع شروطه، إلا ما أذهل عنه النسيان، فإنه قلما يخلى من ذلك، ونحن خاتموه بأشعار طريفة، وآخر ذلك الذي نختم به آيات من كتاب الله عز وجل، بالتوقيف على معانيها إن شاء الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015