وهذا باب قد تقدم ذكرنا إياه ووعدنا استقصاءه
قال أبو العباس: اعلم أن كل شيء من الحيوان؛ كان مما يخبر الناس عنه كما يخبرون عن أنفسهم ومما يقتنونه ويتخذونه، فبهم حاجة إلى الفصل بين معرفته ونكرته ومذكره ومؤنثه، تقول: جاءني رجل إذا لم تدر من هو بعينه، أو دريت فلم ترد أن تبين. ثم تعرفه لصاحبك إذا أردت ذلك إما بألف ولام، وإما باسم معروف، أو إضافة أو غير ذلك.
وكذلك يفصل الناس بين الخيل بأسماء أو نعوت يعرفون بها بعضها من بعض، وكذلك الشاء والكلاب والإبل، ولولا تمييز بعضها من بعض لم يستقم الإخبار عنها والاختصاص بما أريد منها؛ فإذا كان الشيء لي مما يتخذونه لم يحتاجوا إلى التمييز بين بعضه وبعض، يقول الرجل: رأيت الأسد؛ فليس يعني أسداً بعينه، ولكن يريد الواحد من الجنس الذي قد عرفت، وكذلك الذئب والعقرب والحية وما أشبه ذلك، ألا ترى أن ابن عرس وسام أبرص وأم حبين وأبا الحارث وأبا الحصين معارف لا على أن تميز بعضها من بعض ولكن تعريف الجنس. وقولك: ابن مخاض وابن لبون، وابن ماء، نكرات، لأن هذا مما يتخذه الناس، وابن ماء إنما هو مضاف إلى الماء الذي يعرف.
فإذا أردت التعريف من هذا لهذه النكرات أدخلت فيما أضيفت إليه الألف واللام، أو لقبتها ألقاباً تعرف بها، كزيد وعمرو.
واعلم أن كل جمع مؤنث؛ لأنك تريد معنى جماعة. ولا تذكر من ذلك إلا ما كان فعله يجري بالواو والنون في الجمع، وذلك كل ما يعقل، تقول: مسلم ومسلمون؛ كما تقول: قوم يسلمون، وتقول للجمال: هي تسير وهن يسرن,