فالآن نمت فلا هم يؤرقني ... يهدا الغيور إذا ما أودت الحرم1
للموت عند أياد لست أنكرها ... أحيا سروراً وبي مما أتى ألم
وهذا المرثية ليست مما تقع مع الجزع القراح والحزن المفرط، ولكنه باب للمراثي يجمع إفراط الجزع، وحسن الاقتصاد، والميل إلى التشكي، والركون إلى التعزي، وقول من كان له واعظ من نفسه، أو مذكر من ربه، ومن غلبت عليه الجساوة2، وكان طبعه إلى القساوة، فقد اختلط كل بكل.
وقال رجل من المحدثين يرثي أباه3:
تحل رزيات وتعرو مصائب4 ... ولا مثل ما أنحت علينا يد الدهر
لقد عركتنا للزمان ملمة ... أذمت بمحمود الجلادة والصبر5
فهذا يحسن من قائله أن الرزء كان جليلاً بإجماع، فللقائل أن يتفسح في القول فيه.
وهذا يقوله عبد العزيز بن عبد الرحيم بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس. وكان عبد الرحيم من جلة أهله لسناً ونعمة وسناً وولاية، ومات معزولاً عن اليمن في حبس الخليفة. وأم جعفر بن سليمان أم حسن بنت جعفر بن حسن بن علي بن أبي طالب، صلوات الله عليهم. فلذلك يقول عبد العزيز في هذه القصيدة: