ثم نعود إلى ما ابتدأناه إن شاء الله، وهو ما نختاره من مختصرات الخطب وجميل المواعظ، والزهد في الدنيا المتصل بذلك، وبالله التوفيق.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو العابس: قد ذكرنا في صدر كتابنا هذا، أنا نذكر فيه خطباً ومواعظ: فمما نذكره في1 ذلك أمر التعازي والمراثي؛ فإنه باب جامع، وقد قيل إنه لم يقل في شيء قط كما قيل في هذا الباب؛ لأن الناس لا ينفكون من المصائب، ومن لم يثكل أخاه ثكله أخوه، ومن لم يعدم نفيساً كان هو المعدوم دون النفيس، وحق الإنسان الصبر على النوائب، واستشعار ما صدرناه، إذ كانت الدنيا دار فراق ودار بوار، لا استواء. وعلى فراق المألوف حرقة لا تدفع، ولوعة لا ترد، وإنما يفاضل الناس بصحة الفكر، وحسن العزاء، والرغبة في الآخرة، وجميل الذكر.