نعم، أنا من ولد مالك بن نويرة، وسبحان الله أيها الأمير! أيكون مثلي في عسكرك لا تعرفه! قال: عرفتك بالشعر.
قوله: ذو الخمار يعني فرساً. وكان ذو الخمار فرس مالك بن نوير. قال جرير يهجو الفرزدق:
بيربوع فخرت وآل سعد ... فلا مجدي بلغت ولا افتخاري
بيربوع فوارس كل يوم ... يواري شمسه رهج الغبار
عتيبة، والأحيمر وابن عمرو ... وعتاب، وفارس ذي الخمار
قوله: أطواء يقال: رجل طوي البط، أي منطو يخبر أنه كان يؤثر فرسه على ولده، فيشبعه وهم جياع، وذلك قوله:
أخادعهم عنه ليغبق دونهم
والغبوق شرب آخر النهار، وهذا شيء تفخر1 به العرب، قال الأشعر الجعفي:
لكن قعيدة بيتنا مجفوة ... باد جناجن صدرها ولها غنى2
نقفي بعيشه أهلها وثابة ... أو جرشعاً نهد المراكل والشوى3
قال: فمكثوا أياما على غير خنادق يتحارسون ودوابهم مسرجة، فلم يزالوا على ذلك حتى ضعف الفريقان، فلم كانت الليلة التي قتل في صبحتها عبد ربه جمع أصحابه وقال: يا معشر المهاجرين، إن قطرياً وعبيدة هربا طلب البقاء، ولا سبيل إليه، فالقا عدوكم، فإن غلبوكم على الحياة، فلا يغلبنكم على الموت، فتلقوا الرماح بنحوركم، والسيوف بوجوهكم، وهبوا أنفسكم لله في الدنيا يهبها لكم في الآخرة.
فلما أصبحوا غادوا المهلب فقاتلوه قتالاً شديداً، نسي به ما كان قبله، فقال رجل من الأزد من أصحاب المهلب: من يبايعني على الموت? فبايعه أربعون رجلاً