ولما التقى الصفان واختلف القنا ... نهالا وأسباب المنايا نهالها
تبين لي أن القماءة ذلة ... وأن أشداء الرجال طوالها
دعوا: يا لسعد وانتمينا اطيىء ... أسود الشرى إقدامها ونزالها1
قوله: "نهالاً" يريد أنها قد وردت الدم مرة ولم تثن، وذلك أن الناهل الذي يشرب أول شربة، فإذا شرب ثانية فهو عال، يقال: سقاه علاً بعد نهل، وعللاً بعد نهل وفي المثل: "سمته سوم عالة" إذا عرضت عليه عرضاً يستحيي من أن يقبل معه، والعالة لا حاجة بها إلى الشرب، وإنما يعرض عليها تعزيزاً. قال: "وأسباب المنايا نهالها"، أي أول ما يقع منها يكون سبباً لما بعده، وأنشدني غير واحد:
وأن أشداء الرجال طيالها
وليس هذا بالجيد، وإنما قلب الواو ياء لوقوعها بين كسرة وألف كقولهم: ثياب، وحياض، وسياط، والواحد ثوب، وحوض، وسوط: وهذا جيد، لكون الواو في الواحد، فأما في مثل طوال، فإنما يجوز على التشبيه بهذا، وليس بجيد لتحرك الواو في الواحد. وأنشدني مسعود بن بشرالمازني:
لهم أوجه بيض حسان وأذرع ... طيال ومن سيما الملوك نجار2
ومجاز هذا في النحو على ما وصفت لك.