وَهَذَا الْقَوْلُ خِلَافُ مَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ النَّقْلِ؛ لِأَنَّ فَتْحَ الْأُبُلَّةِ كَانَ عَلَى يَدِ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ أَيَّامَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ.
وَحَاصَرَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ حِصْنَ الْمَرْأَةِ، وَأَسْلَمَتْ، وَلَمْ يَعْرِضْ خَالِدٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْفَلَّاحِينَ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ.
ذِكْرُ وَقْعَةِ الثِّنْيِ
لَمَّا وَصَلَ كِتَابُ هُرْمُزَ إِلَى أَرْدَشِيرَ بِخَبَرِ خَالِدٍ أَمَدَّهُ بِقَارِنَ بْنِ قِرْيَانِسَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْمِذَارِ لَقِيَهُ الْمُنْهَزِمُونَ، فَاجْتَمَعُوا وَرَجَعُوا وَمَعَهُمْ قُبَاذُ وَأُنُوشَجَانُ، وَنَزَلُوا الثِّنْيَ، وَهُوَ النَّهْرُ، وَسَارَ إِلَيْهِمْ خَالِدٌ فَلَقِيَهُمْ وَاقْتَتَلُوا، فَبَرَزَ قَارِنُ فَقَتَلَهُ مَعْقِلُ بْنُ الْأَعْشَى بْنِ النَّبَّاشِ، وَقَتَلَ عَاصِمٌ أُنُوشَجَانَ، وَقَتَلَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ قُبَاذَ، وَكَانَ شَرَفُ قَارِنَ انْتَهَى. وَلَمْ يُقَاتِلِ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ أَحَدًا انْتَهَى شَرَفُهُ، وَقُتِلَ مِنَ الْفُرْسِ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ يَبْلُغُونَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، سِوَى مَنْ غَرِقَ، وَمَنَعَتِ الْمِيَاهُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ طَلَبِهِمْ. وَقَسَّمَ الْفَيْءَ، وَأَنْفَذَ الْأَخْمَاسَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَعْطَى الْأَسْلَابَ مَنْ سَلَبَهَا، وَكَانَتِ الْغَنِيمَةُ عَظِيمَةً، وَسَبَى عِيَالَاتِ الْمُقَاتِلَةَ، وَأَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْفَلَّاحِينَ وَصَارُوا ذِمَّةً. وَكَانَ فِي السَّبْيِ أَبُو الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، وَأَمَّرَ عَلَى الْجُنْدِ سَعِيدَ بْنَ النُّعْمَانِ، وَعَلَى الْجُنْدِ سُوِيدَ بْنَ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيَّ، وَأَمَرَهُ بِنُزُولِ الْحَفِيرِ، وَأَقَامَ يَتَجَسَّسُ الْأَخْبَارَ.
ذِكْرُ وَقْعَةِ الْوَلَجَةِ
وَلَمَّا فَرَغَ خَالِدٌ مِنَ الثِّنْيِ وَأَتَى الْخَبَرُ أَرْدَشِيرَ بَعَثَ الْأَنْدَرْزَعَزَّ، وَكَانَ فَارِسًا مِنْ مُوَلَّدِي السَّوَادِ، وَأَرْسَلَ بَهْمَنْ جَاذَوَيْهِ فِي أَثَرِهِ فِي جَيْشٍ، وَحَشَرَ إِلَى الْأَنْدَرْزَعَزَّ مِنْ بَيْنِ الْحِيرَةِ وَكَسْكَرَ وَمِنْ عَرَبِ الضَّاحِيَةِ وَالدَّهَاقِينِ وَعَسْكَرُوا بِالْوَلَجَةِ. وَسَمِعَ بِهِمْ خَالِدٌ فَسَارَ