مِنْ عُمَانَ، كَاتَبُوا جَيْفَرًا وَعِيَاذًا، وَجَمَعَ لَقِيطٌ جُمُوعَهُ وَعَسْكَرَ بِدَبَا، وَخَرَجَ جَيْفَرٌ وَعِيَاذٌ وَعَسْكَرَا بِصُحَارٍ، وَأَرْسَلَا إِلَى حُذَيْفَةَ وَعِكْرِمَةَ وَعَرْفَجَةَ، فَقَدِمُوا عَلَيْهِمَا، وَكَاتَبُوا رُؤَسَاءَ مِنْ لَقِيطٍ وَارْفَضُّوا عَنْهُ، ثُمَّ الْتَقَوْا عَلَى دَبَا، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَاسْتَعْلَى لَقِيطٌ، وَرَأَى الْمُسْلِمُونَ الْخَلَلَ، وَرَأَى الْمُشْرِكُونَ الظَّفَرَ. فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ جَاءَتِ الْمُسَلِمِينَ مَوَادُّهُمُ الْعُظْمَى مِنْ بَنِي نَاجِيَةَ، وَعَلَيْهِمُ الْخِرِّيتُ بْنُ رَاشِدٍ، وَمِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ وَعَلَيْهِمْ سَيْحَانُ بْنُ وُصْحَانَ، وَغَيْرِهِمْ، فَقَوَّى اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ، فَوَلَّى الْمُشْرِكُونَ الْأَدْبَارَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ فِي الْمَعْرَكَةِ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَرَكِبُوهُمْ حَتَّى أَثْخَنُوا فِيهِمْ، وَسَبَوُا الذَّرَارِيَّ وَقَسَّمُوا الْأَمْوَالَ، وَبَعَثُوا بِالْخُمْسِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ مَعَ عَرْفَجَةَ، وَأَقَامَ حُذَيْفَةُ بِعُمَانَ يُسَكِّنُ النَّاسَ.

وَأَمَّا مَهْرَةُ فَإِنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ سَارَ إِلَيْهِمْ لَمَّا فَرَغَ مِنْ عُمَانَ وَمَعَهُ مَنِ اسْتَنْصَرَ مِنْ نَاجِيَةَ وَعَبْدِ الْقَيْسِ وَرَاسِبٍ وَسَعْدٍ، فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِمْ بِلَادَهُمْ، فَوَافَقَ بِهَا جَمْعَيْنِ مِنْ مَهْرَةَ؛ أَحَدُهُمَا مَعَ سِخْرِيتٍ، رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَالثَّانِي مَعَ الْمُصَبَّحِ، أَحَدُ بَنِي مُحَارِبٍ، وَمُعْظَمُ النَّاسِ مَعَهُ، وَكَانَا مُخْتَلِفَيْنِ. فَكَاتَبَ عِكْرِمَةُ سِخْرِيتًا، فَأَجَابَهُ وَأَسْلَمَ، وَكَاتَبَ الْمُصَبَّحَ يَدْعُوهُ فَلَمْ يُجِبْ، فَقَاتَلَهُ قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ الْمُرْتَدُّونَ وَقُتِلَ رَئِيسُهُمْ، وَرَكِبَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوا مَنْ شَاءُوا مِنْهُمْ، وَأَصَابُوا مَا شَاءُوا مِنَ الْغَنَائِمِ، وَبَعَثَ الْأَخْمَاسَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ مَعَ سِخْرِيتٍ، وَازْدَادَ عِكْرِمَةُ وَجُنْدُهُ قُوَّةً بِالظَّهْرِ وَالْمَتَاعِ، وَأَقَامَ عِكْرِمَةُ حَتَّى اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى الَّذِي يُحِبُّ، وَبَايَعُوا عَلَى الْإِسْلَامِ.

(دَبَا بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُخَفَّفَةِ، وَفَتْحِ الدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ. وَالْخِرِّيتُ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَكْسُورَةِ، ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتِهَا، وَآخِرُهُ تَاءٌ. وَسَيْحَانُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَبِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ، وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَآخِرُهُ نُونٌ) .

[ذِكْرُ خَبَرِ رِدَّةِ الْيَمَنِ]

لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى مَكَّةَ وَأَرْضِهَا عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ، وَعَلَى عَكٍّ وَالْأَشْعَرِيِّينَ الطَّاهِرُ بْنُ أَبِي هَالَةَ، وَعَلَى الطَّائِفِ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَمَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّضْرِيُّ، وَعُثْمَانُ عَلَى الْمُدُنِ، وَمَالِكٌ عَلَى أَهْلِ الْوَبَرِ، وَبِصَنْعَاءَ فَيْرُوزُ وَدَاذَوَيْهِ يُسَانِدُهُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015