قِيلَ: كَانَتْ هَاجَرُ جَارِيَةً ذَاتَ هَيْئَةٍ فَوَهَبَتْهَا سَارَةُ لِإِبْرَاهِيمَ، وَقَالَتْ: خُذْهَا لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُكَ مِنْهَا وَلَدًا، وَكَانَتْ سَارَةُ قَدْ مُنِعَتِ الْوَلَدَ حَتَّى أَسَنَّتْ، فَوَقَعَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى هَاجَرَ فَوَلَدَتْ إِسْمَاعِيلَ، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا اسْتَفْتَحْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا» ، يَعْنِي وِلَادَةَ هَاجَرَ.
فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ خَرَجَ بِهَا إِلَى الشَّامِ مِنْ مِصْرَ خَوْفًا مِنْ فِرْعَوْنَ، فَنَزَلَ السَّبْعَ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ، وَنَزَلَ لُوطٌ بِالْمُؤْتَفِكَةِ، وَهِيَ مِنَ السَّبْعِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَبَعَثَهُ اللَّهُ نَبِيًّا، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدِ اتَّخَذَ بِالسَّبْعِ بِئْرًا وَمَسْجِدًا وَكَانَ مَاءُ الْبِئْرِ مَعِينًا طَاهِرًا، فَآذَاهُ أَهْلُ السَّبْعِ، فَانْتَقَلَ عَنْهُمْ، فَنَضَبَ الْمَاءُ فَاتَّبَعُوهُ يَسْأَلُونَهُ الْعَوْدَ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَفْعَلْ وَأَعْطَاهُمْ سَبْعَةَ أَعْنُزٍ، وَقَالَ: إِذَا أَوْرَدْتُمُوهَا الْمَاءَ ظَهَرَ حَتَّى يَكُونَ مَعِينًا طَاهِرًا فَاشْرَبُوا مِنْهُ، وَلَا تَغْتَرِفْ مِنْهُ امْرَأَةٌ حَائِضٌ. فَخَرَجُوا بِالْأَعْنُزِ، فَلَمَّا وَقَفَتْ عَلَى الْمَاءِ ظَهَرَ إِلَيْهَا، وَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْهُ، إِلَى أَنْ غَرَفَتْ مِنْهُ امْرَأَةٌ طَامِثٌ فَعَادَ الْمَاءُ إِلَى الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ. وَأَقَامَ إِبْرَاهِيمُ بَيْنَ الرَّمْلَةِ، وَإِيلِيَا بِبَلَدٍ يُقَالُ لَهُ قَطُّ أَوْ قِطُّ.
قَالَ: فَلَمَّا وُلِدَ إِسْمَاعِيلُ حَزِنَتْ سَارَةُ حُزْنًا شَدِيدًا، فَوَهَبَهَا اللَّهُ إِسْحَاقَ، وَعُمُرُهَا سَبْعُونَ سَنَةً، فَعُمُرُ إِبْرَاهِيمَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، فَلَمَّا كَبِرَ إِسْمَاعِيلُ، وَإِسْحَاقُ اخْتَصَمَا، فَغَضِبَتْ سَارَةُ عَلَى هَاجَرَ فَأَخْرَجَتْهَا، ثُمَّ أَعَادَتْهَا، فَغَارَتْ مِنْهَا فَأَخْرَجَتْهَا، وَحَلَفَتْ لَتَقْطَعَنَّ مِنْهَا بَضْعَةً، فَتَرَكَتْ أَنْفَهَا وَأُذُنَهَا لِئَلَّا تَشِينَهَا، ثُمَّ خَفَضَتْهَا، فَمِنْ ثَمَّ خَفْضُ النِّسَاءِ.