ذَهَبُوا.
قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ يَا ثَابِتُ بِيَدِي عِنْدَكَ إِلَّا مَا أَلْحَقْتَنِي بِهِمْ، فَوَاللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُمْ خَيْرٌ. فَقَتَلَهُ.
ثُمَّ افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِصْنَ الصَّعْبِ، وَهُوَ أَكْثَرُهَا طَعَامًا وَوَدَكًا، ثُمَّ قَصَدَ حِصْنَهُمُ الْوَطِيحَ وَالسُّلَالِمَ، وَكَانَا آخِرَ مَا افْتَتَحَ، فَخَرَجَ مِنْهُ مَرْحَبٌ الْيَهُودِيُّ وَهُوَ يَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبُ ... إِذَا اللُّيُوثُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
كَانَ حِمَايَ كَالْحِمَى لَا يُقْرَبُ
وَسَأَلَ الْمُبَارَزَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ الْمَوْتُورُ الثَّائِرُ، قَتَلُوا أَخِي بِالْأَمْسِ. «فَأَقَرَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُبَارَزَتِهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعِنْهُ عَلَيْهِ» ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَتَقَاتَلَا طَوِيلًا، ثُمَّ حَمَلَ مَرْحَبٌ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ فَضَرَبَهُ، فَاتَّقَاهُ بِالدَّرَقَةِ، فَوَقَعَ سَيْفُهُ فِيهَا، فَعَضَّتْ بِهِ فَأَمْسَكَتْهُ، وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَتَّى قَتَلَهُ. ثُمَّ خَرَجَ أَخُوهُ يَاسِرٌ وَهُوَ يَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي يَاسِرُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَاوِرُ
وَطَلَبَ الْمُبَارَزَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ.
وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي قَتَلَ مَرْحَبًا وَأَخَذَ الْحِصْنَ - عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَالْأَصَحُّ.
قَالَ بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُبَّمَا أَخَذَتْهُ الشَّقِيقَةُ، فَيَلْبَثُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَا يَخْرُجُ، فَلَمَّا نَزَلَ خَيْبَرَ أَخَذَتْهُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الرَّايَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ نَهَضَ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخَذَهَا عُمَرُ، فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْقِتَالِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَأُعْطِيَنَّهَا غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يَأْخُذُهَا عَنْوَةً. وَلَيْسَ ثَمَّ عَلِيٌّ،