يَدَيِ السَّيْفُ؟ قَالَ: لَا، يَمْنَعُنِي اللَّهُ مِنْكَ، فَرَدَّ السَّيْفَ إِلَيْهِ.

وَأَصَابَ الْمُسْلِمُونَ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَكَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا، فَلَمَّا أَتَى أَهْلَهُ أُخْبِرَ الْخَبَرَ، فَحَلَفَ لَا يَنْتَهِي حَتَّى يُهَرِيقَ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَمًا، وَخَرَجَ يَتْبَعُ أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟ فَانْتَدَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَقَامَا بِفَمِ شِعْبٍ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاضْطَجَعَ الْمُهَاجِرِيُّ، وَحَرَسَ الْأَنْصَارِيُّ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَقَامَ يُصَلِّي، وَجَاءَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ فَرَأَى شَخْصَهُ، فَعَرَفَ أَنَّهُ رَبِيئَةُ الْقَوْمِ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَانْتَزَعَهُ وَثَبَتَ قَائِمًا يُصَلِّي، ثُمَّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَأَصَابَهُ، فَنَزَعَهُ وَثَبَتَ يُصَلِّي، ثُمَّ رَمَاهُ بِالثَّالِثِ فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَانْتَزَعَهُ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، ثُمَّ أَيْقَظَ صَاحِبَهُ وَأَعْلَمُهُ، فَوَثَبَ، فَلَمَّا رَآهُمَا الرَّجُلُ عَلِمَ أَنَّهُمَا عَلِمَا بِهِ، فَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَلَا أَيْقَظْتَنِي أَوَّلَ مَا رَمَاكَ؟ قَالَ: كُنْتُ فِي سُورَةٍ أَقْرَأُهَا، فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا، فَلَمَّا تَابَعَ عَلَيَّ الرَّمْيَ أَعْلَمْتُكَ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا خَوْفِي أَنْ أُضَيِّعَ ثَغْرًا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحِفْظِهِ لَقَطَعَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَقْطَعَهَا.

وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْغَزْوَةَ كَانَتْ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.

[ذِكْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ الثَّانِيَةِ]

وَسُمِّيَتْ أَيْضًا غَزْوَةَ السَّوِيقِ.

وَفِي شَعْبَانَ مِنْهَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَدْرٍ لِمِيعَادِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ حَتَّى نَزَلَ بَدْرًا، فَأَقَامَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَ لَيَالٍ يَنْتَظِرُ أَبَا سُفْيَانَ، وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ فِي أَهْلِ مَكَّةَ إِلَى مَرِّ الظَّهْرَانِ، وَقِيلَ: إِلَى عُسْفَانَ، ثُمَّ رَجَعَ وَرَجَعَتْ قُرَيْشٌ مَعَهُ، فَسَمَّاهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ جَيْشَ السَّوِيقِ، يَقُولُونَ: إِنَّمَا خَرَجْتُمْ تَشْرَبُونَ السَّوِيقَ.

وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015