فِي أَبْيَاتٍ لَهُ. فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:
لَقَدْ طَارَتْ شَعَاعَا كُلَّ وَجْهٍ ... خُفَارَةُ مَا أَجَارَ أَبُو بَرَاءٍ
فِي أَبْيَاتٍ أُخْرَى.
فَلَمَّا بَلَغَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي بَرَاءٍ ذَلِكَ حَمَلَ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ فَطَعَنَهُ، فَخَرَّ عَنْ فَرَسِهِ، فَقَالَ: إِنْ مُتُّ فَدَمِي لِعَمِّي. وَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا: بَلِّغُوا قَوْمَنَا عَنَّا أَنَا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ. ثُمَّ نُسِخَتْ.
(مَعُونَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَبَعْدَ الْوَاوِ نُونٌ. وَحَرَامٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالرَّاءِ. وَمِلْحَانُ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ) .
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ أَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطْلُبُ دِيَةَ الْعَامِرِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُمَا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ.
فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَنِي النَّضِيرِ يَسْتَعِينُهُمْ فِيهَا، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ، فَقَالُوا: نَعَمْ نُعِينُكَ عَلَى مَا أَحْبَبْتَ، ثُمَّ خَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَتَآمَرُوا عَلَى قَتْلِهِ، وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى جَنْبِ جِدَارٍ، فَقَالُوا: مَنْ يَعْلُو هَذَا الْبَيْتَ فَيُلْقِي عَلَيْهِ صَخْرَةً فَيَقْتُلُهُ وَيُرِيحُنَا مِنْهُ؟ فَانْتَدَبَ لَهُ عَمْرُو بْنُ جِحَاشٍ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ سَلَّامُ بْنُ مِشْكَمٍ وَقَالَ: هُوَ يَعْلَمُ. فَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ، وَصَعِدَ عَمْرُو بْنُ جِحَاشٍ، فَأَتَى الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا عَزَمُوا عَلَيْهِ، فَقَامَ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَا تَبْرَحُوا حَتَّى آتِيَكُمْ.
وَخَرَجَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَبْطَأَ قَامَ أَصْحَابُهُ فِي طَلَبِهِ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ وَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِحَرْبِهِمْ، وَنَزَلَ بِهِمْ، فَتَحَصَّنُوا مِنْهُ فِي الْحُصُونِ، فَقَطَعَ النَّخْلَ وَأَحْرَقَ، وَأَرْسَلَ