وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا أَنْ يَنْظُرَ فِي الْقَتْلَى، فَرَأَى سَعْدَ بْنَ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيَّ وَبِهِ رَمَقٌ، فَقَالَ لِلَّذِي رَآهُ: أَبْلِغْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ، وَأَبْلِغْ قَوْمِي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُمْ: لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ خَلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذًى وَفِيكُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ. ثُمَّ مَاتَ.

وَوُجِدَ حَمْزَةُ بِبَطْنِ الْوَادِي قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ عَنْ كَبِدِهِ وَمُثِّلَ بِهِ، فَحِينَ رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَوْلَا أَنْ تَحْزَنَ صَفِيَّةُ أَوْ تَكُونَ سُنَّةً بَعْدِي لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يَكُونَ فِي أَجْوَافِ السِّبَاعِ وَحَوَاصِلِ الطَّيْرِ، وَلَئِنْ أَظْهَرَنِي اللَّهُ عَلَى قُرَيْشٍ لَأُمَثِّلَنَّ بِثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ.

وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] الْآيَةَ، فَعَفَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَبَرَ، وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ.

وَأَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِهَا الزُّبَيْرِ لِيَرُدَّهَا؛ لِئَلَّا تَرَى مَا بِأَخِيهَا حَمْزَةَ، فَلَقِيَهَا الزُّبَيْرُ فَأَعْلَمَهَا بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ مُثِّلَ بِأَخِي، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ قَلِيلٌ! فَمَا أَرْضَانَا بِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ! لَأَحْتَسِبَنَّ وَلَأَصْبِرَنَّ. فَأَعْلَمَ الزُّبَيْرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ، فَقَالَ: خَلِّ سَبِيلَهَا. فَأَتَتْهُ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ وَاسْتَرْجَعَتْ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ فَدُفِنَ.

وَكَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ اسْمُهُ قُزْمَانُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَقَاتَلَ يَوْمَ أُحُدٍ قِتَالًا شَدِيدًا فَقَتَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثَمَانِيَةً أَوْ تِسْعَةً، ثُمَّ جُرِحَ فَحُمِلَ إِلَى دَارِهِ، وَقَالَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ: أَبْشِرْ قُزْمَانُ! قَالَ: بِمَ أَبْشِرُ، وَأَنَا مَا قَاتَلْتُ إِلَّا عَنْ أَحْسَابِ قَوْمِي؟ ثُمَّ اشْتَدَّ عَلَيْهِ جُرْحُهُ، فَأَخَذَ سَهْمًا فَقَطَعَ رَوَاهِشَهُ، فَنَزَفَ الدَّمُ فَمَاتَ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ.

وَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ مُخَيْرِيقٌ الْيَهُودِيُّ، قَالَ ذَلِكَ الْيَوْمُ لِيَهُودَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015