انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي وَأَنَا أَظُنُّ أَنِّي انْتَهَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ، فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ وَانْكَسَرَتْ سَاقِي، فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَتِي وَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ أَمْ لَا. فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِي فَقَالَ: أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهْلِ الْحِجَازِ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقُلْتُ: النَّجَاءُ! قَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَدَّثْتُهُ. فَقَالَ: ابْسُطْ رِجْلَكَ. فَبَسَطْتُهَا فَمَسَحَهَا، فَكَأَنِّي لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ.
قِيلَ: كَانَ قَتْلُ أَبِي رَافِعٍ فِي ذِي الْحَجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(سَلَّامٌ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ. وَحُقَيْقٌ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ الْقَافِ الْأُولَى، تَصْغِيرُ حَقٍّ) .
وَفِيهَا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي شَعْبَانَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ خُنَيْسٍ (بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَبِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ، وَبِالْيَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتُ، وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ) وَهُوَ ابْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، فَتُوُفِّيَ فِيهَا.
وَفِيهَا فِي شَوَّالٍ لِسَبْعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْهُ كَانَتْ وَقْعَةُ أُحُدٍ، وَقِيلَ لِلنِّصْفِ مِنْهُ، وَكَانَ الَّذِي هَاجَهَا وَقْعَةُ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا أُصِيبَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَنْ أُصِيبَ بِبَدْرٍ مَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ أُصِيبَ آبَاؤُهُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَإِخْوَانُهُمْ بِهَا، فَكَلَّمُوا أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ كَانَ لَهُ فِي تِلْكَ الْعِيرِ تِجَارَةٌ، وَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُعِينُوهُمْ بِذَلِكَ الْمَالِ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُدْرِكُوا ثَأْرَهُمْ مِنْهُمْ فَفَعَلُوا.