وَقَدْ أُصِيبَ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ، أَصَابَهُ أَسْيَافُنَا، قَالَ: فَخَرَجْنَا عَلَى بُعَاثٍ وَقَدْ أَبْطَأَ عَلَيْنَا صَاحِبُنَا، فَوَقَفْنَا لَهُ سَاعَةً وَقَدْ نَزَفَهُ الدَّمُ، ثُمَّ أَتَانَا فَاحْتَمَلْنَاهُ وَجِئْنَا بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ، وَتَفَلَ عَلَى جُرْحِ صَاحِبِنَا وَعُدْنَا إِلَى أَهْلِينَا وَقَدْ خَافَتْ يَهُودُ، لَيْسَ بِهَا يَهُودِيٌّ إِلَّا وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ.
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ظَفِرْتُمْ بِهِ مِنْ رِجَالِ يَهُودَ فَاقْتُلُوهُ» ، فَوَثَبَ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى ابْنِ سُنَيْنَةَ الْيَهُودِيِّ، وَهُوَ مِنْ تُجَّارِ يَهُودَ، فَقَتَلَهُ، وَكَانَ يُبَايِعُهُمْ، فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ حُوَيِّصَةُ، وَهُوَ مُشْرِكٌ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، قَتَلْتَهُ! أَمَا وَاللَّهِ لَرُبَّ شَحْمٍ فِي بَطْنِكَ مِنْ مَالِهِ! وَضَرَبَهُ، فَقَالَ مُحَيِّصَةُ: لَقَدْ أَمَرَنِي بِقَتْلِهِ مَنْ لَوْ أَمَرَنِي بِقَتْلِكَ لَقَتَلْتُكَ. قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَأَوَّلَ إِسْلَامِ حُوَيِّصَةَ. فَقَالَ: إِنَّ دِينًا بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى لَعَجَبٌ. ثُمَّ أَسْلَمَ.
(عَبْسُ بْنُ جَبْرٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. وَجَبْرٌ بِالْجِيمِ، وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَسُنَيْنَةُ تَصْغِيرُ سِنٍّ) .
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا تَزَوَّجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَنَى بِهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ.
وَفِيهَا وُلِدَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ابْنُ أُخْتِ نُمَيْرٍ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِيهَا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَزْوَةَ أَنْمَارَ يُقَالُ لَهَا: ذُو أَمْرٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ ابْنِ إِسْحَاقَ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَفِيهَا كَانَ غَزْوَةُ الْفَرْدَةِ، وَكَانَ أَمِيرُهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَهِيَ أَوَّلُ سَرِيَّةٍ خَرَجَ فِيهَا زَيْدٌ أَمِيرًا.
وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهَا أَنَّ قُرَيْشًا خَافَتْ مِنْ طَرِيقِهَا الَّتِي كَانَتْ تَسْلُكُ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ بَدْرٍ،