ذِكْرُ الْخُلْفِ بَيْنَ جَلَالِ الدِّينِ وَأَخِيهِ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَافَ غِيَاثُ الدِّينِ بْنُ خُوَارَزْمَ شَاهْ، وَهُوَ أَخُو جَلَالِ الدِّينِ (مِنْ أَبِيهِ) [أَخَاهُ] ، وَخَافَهُ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَاسْتَشْعَرُوا مِنْهُ، وَأَرَادُوا الْخَلَاصَ مِنْهُ، فَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ خَرَجَتِ التَّتَرُ، وَاشْتَغَلَ بِهِمْ جَلَالُ الدِّينِ، فَهَرَبَ غِيَاثُ الدِّينِ وَمَنْ مَعَهُ، وَقَصَدُوا خُوزِسْتَانَ، وَهِيَ مِنْ بِلَادِ الْخَلِيفَةِ، وَأَرَادُوا الدُّخُولَ فِي طَاعَةِ الْخَلِيفَةِ، فَلَمْ يُمَكِّنْهُمُ النَّائِبُ بِهَا مِنَ الدُّخُولِ إِلَى الْبَلَدِ، مَخَافَةَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ مَكِيدَةً، فَبَقِيَ هُنَاكَ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، فَارَقَ خُوزِسْتَانَ وَقَصَدَ بِلَادَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَوَصَلَ إِلَيْهِمْ، وَاحْتَمَى بِهِمْ وَاسْتَجَارَ بِهِمْ.
وَكَانَ جَلَالُ الدِّينِ قَدْ فَرَغَ مِنْ أَمْرِ التَّتَرِ وَعَادَ إِلَى تِبْرِيزَ، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ وَهُوَ بِالْمَيْدَانِ يَلْعَبُ بِالْكُرَةِ أَنَّ أَخَاهُ قَدْ قَصَدَ أَصْفَهَانَ، فَأَلْقَى الْجُوكَانَ مِنْ يَدِهِ، وَسَارَ مُجِدًّا، فَسَمِعَ أَنَّ أَخَاهُ قَدْ قَصَدَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةَ مُلْتَجِئًا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَقْصِدْ أَصْفَهَانَ، فَعَادَ إِلَى بِلَادِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ لِيَنْهَبَ بِلَادَهُمْ إِنْ لَمْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ أَخَاهُ، وَأَرْسَلَ يَطْلُبُهُ مِنْ مُقَدَّمِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَأَعَادَ الْجَوَابَ يَقُولُ: إِنَّ أَخَاكَ قَدْ قَصَدَنَا، وَهُوَ سُلْطَانٌ ابْنُ سُلْطَانٍ، وَلَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُسَلِّمَهُ، لَكِنْ نَحْنُ نَتْرُكُهُ عِنْدَنَا، وَلَا نُمَكِّنُهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ بِلَادِكَ، وَنَسْأَلُكَ أَنْ تُشَفِّعَنِي فِيهِ، وَالضَّمَانُ عَلَيْنَا بِمَا قُلْنَا، وَمَتَى كَانَ مِنْهُ مَا تَكْرَهُ فِي بِلَادِكَ، فَبِلَادُنَا حِينَئِذٍ بَيْنَ يَدَيْكَ تَفْعَلُ فِيهَا مَا تَخْتَارُ. فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَاسْتَحْلَفَهُمْ عَلَى الْوَفَاءِ بِذَلِكَ، وَعَادَ عَنْهُمْ وَقَصَدَ خِلَاطَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.