614 -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ
ذِكْرُ مُلْكِ خُوَارَزْم شَاهْ بَلَدَ الْجَبَلِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ خُوَارَزْم شَاهْ عَلَاءُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ تُكَشَ إِلَى بِلَادِ الْجَبَلِ فَمَلَكَهَا.
وَكَانَ سَبَبُ حَرَكَتِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ، أَشْيَاءَ ; أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَانَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَظَفِرَ بِالْخَطَا، وَعَظُمَ أَمْرُهُ، وَعَلَا شَأْنُهُ، وَأَطَاعَهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَمِنْهَا: أَنَّهُ كَانَ يَهْوَى أَنْ يُخْطَبَ لَهُ بِبَغْدَادَ، وَيُلَقَّبَ بِالسُّلْطَانِ، وَكَانَ الْأَمْرُ بِالضِّدِّ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَجِدُ مِنْ دِيوَانِ الْخِلَافَةِ قَبُولًا ; وَكَانَ سَبِيلُهُ إِذَا وَرَدَ إِلَى بَغْدَادَ أَنْ يُقَدَّمَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ فِي عَسْكَرِهِ مِائَةٌ مِثْلَ الَّذِي يُقَدَّمُ سَبِيلُهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ إِذَا سَمِعَ ذَلِكَ يُغْضِبُهُ، وَمِنْهَا: أَنْ أَغْلَمْشَ لَمَّا مَلَكَ بِلَادَ الْجَبَلِ خَطَبَ لَهُ فِيهَا جَمِيعِهَا، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَمَّا قَتَلَهُ الْبَاطِنِيَّةُ غَضِبَ لَهُ وَخَرَجَ لِئَلَّا تَخْرُجَ الْبِلَادُ عَنْ طَاعَتِهِ، فَسَارَ مُجِدًّا فِي عَسَاكِرَ تُطَبِّقُ الْأَرْضَ، فَوَصَلَ إِلَى الرَّيِّ فَمَلَكَهَا.
وَكَانَ أَتَابِكْ سَعْدُ بْنُ دَكْلَا، صَاحِبُ بِلَادِ فَارِسَ، لَمَّا بَلَغَهُ مَقْتَلُ أَغْلَمْشَ جَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَسَارَ نَحْوَ بِلَادِ الْجَبَلِ طَمَعًا فِي تَمَلُّكِهَا لِخُلُوِّهَا عَنْ حَامٍ وَمُمَانِعٍ، فَوَصَلَ إِلَى أَصْفَهَانَ فَأَطَاعَهُ أَهْلُهَا، وَسَارَ مِنْهَا يُرِيدُ الرَّيَّ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِقُدُومِ خُوَارَزْم شَاهْ، فَلَقِيَهُ مُقَدِّمَةُ خُوَارَزْم شَاهْ، فَظَنَّهَا عَسَاكِرُ تِلْكَ الدِّيَارِ قَدِ اجْتَمَعَتْ لِقِتَالِهِ، وَمَنْعِهِ عَنِ الْبِلَادِ، فَقَاتَلَهُمْ، وَجَدَّ فِي مُحَارَبَتِهِمْ حَتَّى كَادَ يَهْزِمُهُمْ.
فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ قَدْ ظَهَرَ لَهُ جَتَرُ خُوَارَزْم شَاهْ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَأُخْبِرَ بِهِ