إِلَيْهِمْ، وَأَعْطَاهُمُ الْأَمْوَالَ، وَقَالَ: إِنَّ غِيَاثَ الدِّينِ أَخِي، وَلَا فَرْقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمُ الْمُقَامَ عِنْدِي فَلْيُقِمْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْهِ فَإِنَّنِي أُسَيِّرُهُ، وَلَوْ أَرَادَ مِنِّي مَهْمَا أَرَادَ نَزَلْتُ لَهُ عَنْهُ.
وَعَهِدَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ الْغُورِيَّةِ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَأَقْطَعَهُ اسْتِمَالَةً لِلْغُورِيَّةِ، وَجَعَلَهُ سَفِيرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ بَلْخَ، فَسَيَّرَ أَخَاهُ عَلِيًّا شَاهْ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي عَسْكَرِهِ إِلَى بَلْخَ، فَلَمَّا قَارَبَهَا خَرَجَ إِلَيْهِ عِمَادُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ الْغُورِيُّ أَمِيرُهَا، فَدَفَعَهُ عَنِ النُّزُولِ عَلَيْهَا، فَنَزَلَ عَلَى أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ عَنْهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى أَخِيهِ خُوَارِزْمَ شَاهْ يُعْلِمُهُ قُوَّتَهُمْ، فَسَارَ إِلَيْهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنَ السَّنَةِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بَلْخَ خَرَجَ صَاحِبُهَا فَقَاتَلَهُمْ، فَلَمْ يَقْوَ بِهِمْ لِكَثْرَتِهِمْ، فَنَزَلُوا فَصَارَ يُوقِعُ بِهِمْ لَيْلًا، فَكَانُوا مَعَهُ عَلَى أَقْبَحِ صُورَةٍ، فَأَقَامَ صَاحِبُ بَلْخَ مُحَاصَرًا، وَهُوَ يَنْتَظِرُ الْمُدَدَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْلَادِ بَهَاءِ الدِّينِ، صَاحِبِ بَامِيَانَ، وَكَانُوا قَدِ اشْتَغَلُوا عَنْهُ بِغَزْنَةَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
فَأَقَامَ خُوَارِزْمُ شَاهْ عَلَى بَلْخَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، كُلَّ يَوْمٍ يَرْكَبُ إِلَى الْحَرْبِ، فَيُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِهِ كَثِيرٌ، وَلَا يَظْفَرُ بِشَيْءٍ فَرَاسَلَ صَاحِبَهَا عِمَادَ الدِّينِ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَشِيرٍ الْغُورِيِّ فِي بَذْلٍ بَذَلَهُ لَهُ لِيُسَلِّمَ إِلَيْهِ الْبَلَدَ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ: لَا أُسَلِّمُ الْبَلَدَ إِلَّا إِلَى أَصْحَابِهِ، فَعَزَمَ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى هَرَاةَ، فَلَمَّا سَارَ أَصْحَابُهُ أَوْلَادُ بَهَاءِ الدِّينِ، صَاحِبِ بَامِيَانَ، إِلَى غَزْنَةَ، الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ - عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَسَرَهُمْ تَاجُ الدِّينِ أَلْدِزُ، عَادَ عَنْ ذَلِكَ الْعَزْمِ، وَأَرْسَلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ بَشِيرٍ إِلَى عِمَادِ الدِّينِ نَائِبِهِ يُعَرِّفُهُ حَالَ أَصْحَابِهِ وَأَسْرَهُمْ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ حُجَّةٌ، وَلَا لَهُ فِي التَّأَخُّرِ عَنْهُ عُذْرٌ، فَدَخَلَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَزَلْ يَخْدَعُهُ، تَارَةً يُرَغِّبُهُ وَتَارَةً يُرَهِّبُهُ حَتَّى أَجَابَ إِلَى طَاعَةِ خُوَارِزْمَ شَاهْ وَالْخُطْبَةِ لَهُ، وَذِكْرِ اسْمِهِ عَلَى السِّكَّةِ، وَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَفِي لِي، فَأَرْسَلَ مَنْ يَسْتَحْلِفُهُ عَلَى مَا أَرَادَ، فَتَمَّ الصُّلْحُ، وَخَرَجَ إِلَى خُوَارِزْمَ شَاهْ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَأَعَادَهُ إِلَى بَلَدِهِ، وَكَانَ سَلْخَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّمِائَةٍ.
ثُمَّ سَارَ خُوَارِزْمُ شَاهْ إِلَى كُرْزُبَانَ لِيُحَاصِرَهَا، وَبِهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَرْسَلَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ كَانَ قَدْ أَقْطَعَهَا عَمُّكَ لِابْنِ خَرْمِيلَ، فَتَنَزَّلْ عَنْهَا، فَامْتَنَعَ، وَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ السَّيْفُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ خُوَارِزْمُ شَاهْ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَشِيرٍ