وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَيْهَا إِيَاسٌ مَمْلُوكُ أَخِيهِ، فَلَمْ يُقْدِمْ عَلَى الِامْتِنَاعِ، فَتَسَلَّمَ مَحْمُودٌ الْبِلَادَ جَمِيعَهَا وَمَلَكَهَا، وَحَبَسَ الْمَمْلُوكَ فَبَقِيَ مُدَّةً مَحْبُوسًا، ثُمَّ شَفَعَ لَهُ صَاحِبُ بِلَادِ الرُّومِ، فَأُطْلِقَ مِنَ الْحَبْسِ، وَسَارَ إِلَى الرُّومِ، فَصَارَ أَمِيرًا مِنْ أُمَرَاءِ الدَّوْلَةِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اشْتَدَّ الْغَلَاءُ بِالْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ لِعَدَمِ زِيَادَةِ النِّيلِ، وَتَعَذَّرَتِ الْأَقْوَاتُ حَتَّى أَكَلَ النَّاسُ الْمَيْتَةَ، وَأَكَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ لَحِقَهُمْ عَلَيْهِ وَبَاءٌ وَمَوْتٌ كَثِيرٌ أَفْنَى النَّاسَ.
وَفِي شَعْبَانَ مِنْهَا تَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ بِالْمَوْصِلِ، وَدِيَارِ الْجَزِيرَةِ كُلِّهَا، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ وَغَيْرِهَا، فَأَثَّرَتْ فِي الشَّامِ أَثَارًا قَبِيحَةً، وَخَرَّبَتْ كَثِيرًا مِنَ الدُّورِ بِدِمَشْقَ، وَحِمْصَ، وَحَمَاةَ، وَانْخَسَفَتْ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى بُصْرَى، وَأَثَّرَتْ فِي السَّاحِلِ الشَّامِيِّ أَثَرًا كَثِيرًا، فَاسْتَوْلَى الْخَرَابُ عَلَى طَرَابُلُسَ، وَصُورَ، وَعَكَّا، وَنَابُلُسَ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْقِلَاعِ، وَوَصَلَتِ الزَّلْزَلَةُ إِلَى بَلَدِ الرُّومِ، وَكَانَتْ بِالْعِرَاقِ يَسِيرَةً لَمْ تَهْدِمْ دُورًا.
وَفِيهَا وُلِدَ بِبَغْدَادَ طِفْلٌ لَهُ رَأْسَانِ، وَذَلِكَ أَنَّ جَبْهَتَهُ مَفْرُوقَةٌ بِمِقْدَارِ مَا يَدْخُلُ فِيهَا مِيلٌ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، تُوُفِّيَ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلِيُّ بْنُ