سَوَادِهِمْ وَأَصْحَابِهِمْ وَمَنْ لَا مَالَ لَهُ، فَلَمَّا رَأَى صَلَاحُ الدِّينِ ذَلِكَ تَصَرَّفَ فِي الْمَالِ الَّذِي كَانَ جَمَعَهُ، وَرَدَّ الْأَسْرَى وَالصَّلِيبَ إِلَى دِمَشْقَ.

ذِكْرُ رَحِيلِ الْفِرِنْجِ إِلَى نَاحِيَةِ عَسْقَلَانَ وَتَخْرِيبِهَا

لَمَّا فَرَغَ الْفِرِنْجُ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - مِنْ إِصْلَاحِ أَمْرِ عَكَّا، بَرَزُوا مِنْهَا فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، وَسَارُوا مُسْتَهَلَّ شَعْبَانَ نَحْوَ حَيْفَا مَعَ شَاطِئِ الْبَحْرِ لَا يُفَارِقُونَهُ، فَلَمَّا سَمِعَ صَلَاحُ الدِّينِ بِرَحِيلِهِمْ نَادَى فِي عَسْكَرِهِ بِالرَّحِيلِ فَسَارُوا.

وَكَانَ عَلَى الْيَزَكِ ذَلِكَ الْيَوْمَ الْمَلِكُ الْأَفْضَلُ وَلَدُ صَلَاحِ الدِّينِ، وَمَعَهُ سَيْفُ الدِّينِ إِيَازَكُوشُ وَعِزُّ الدِّينِ جُورْدِيكَ، وَعِدَّةٌ مِنْ شُجْعَانِ الْأُمَرَاءِ، فَضَايَقُوا الْفِرِنْجَ فِي مَسِيرِهِمْ، وَأَرْسَلُوا عَلَيْهِمْ مِنَ السِّهَامِ مَا كَادَ يَحْجُبُ الشَّمْسَ، وَوَقَعُوا عَلَى سَاقَةِ الْفِرِنْجِ، فَقَتَلُوا مِنْهَا جَمَاعَةً، وَأَسَرُوا جَمَاعَةً.

وَأَرْسَلَ الْأَفْضَلُ إِلَى وَالِدِهِ يَسْتَمِدُّهُ وَيُعَرِّفُهُ الْحَالَ، فَأَمَرَ الْعَسَاكِرَ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ، فَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُمْ مَا رَكِبُوا بِأُهْبَةِ الْحَرْبِ، وَإِنَّمَا كَانُوا عَلَى عَزْمِ الْمَسِيرِ لَا غَيْرَ، فَبَطَلَ الْمَدَدُ وَعَادَ مَلِكُ الْإِنْكِلْتَارِ إِلَى سَاقَةِ الْفِرِنْجِ، فَحَمَاهَا، وَجَمَعَهُمْ، وَسَارُوا حَتَّى أَتَوْا حَيْفَا. فَنَزَلُوا بِهَا.

وَنَزَلَ الْمُسْلِمُونَ بِقَيْمُونَ - قَرْيَةٌ بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ - وَأَحْضَرَ الْفِرِنْجُ مِنْ عَكَّا عِوَضَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، وَأُسِرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَعِوَضَ مَا هَلَكَ مِنَ الْخَيْلِ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى قَيْسَارِيَّةَ، وَالْمُسْلِمُونَ يُسَايِرُونَهُمْ وَيَتَخَطَّفُونَ مِنْهُمْ مَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ فَيَقْتُلُونَهُ، لِأَنَّ صَلَاحَ الدِّينِ كَانَ قَدْ أَقْسَمَ أَنَّهُ لَا يَظْفَرُ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَتَلَهُ بِمَنْ قَتَلُوا مِمَّنْ كَانَ بِعَكَّا.

فَلَمَّا قَارَبُوا قَيْسَارِيَّةَ لَاصَقَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَقَاتَلُوهُمْ أَشَدَّ قِتَالٍ، فَنَالُوا مِنْهُمْ نَيْلًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015