فِي الْعَسَاكِرِ، وَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ الْعَادِلِأَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، وَهُوَ نَائِبُهُ بِمِصْرَ، يَأْمُرُهُ بِالْخُرُوجِ بِجَمِيعِ الْعَسَاكِرِ إِلَى الْكَرَكِ. وَكَانَ الْعَادِلُ قَدْ أَرْسَلَ إِلَى صَلَاحِ الدِّينِ يَطْلُبُ مِنْهُ مَدِينَةَ حَلَبَ وَقَلْعَتَهَا، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَوَصَلَ صَلَاحُ الدِّينِ إِلَى الْكَرَكِ فِي رَجَبٍ، وَوَافَاهُ أَخُوهُ الْعَادِلُ فِي الْعَسْكَرِ الْمِصْرِيِّ، وَكَثُرَ جَمْعُهُ، وَتَمَكَّنَ مِنْ حَصْرِهِ، وَ [صَعِدَ] الْمُسْلِمُونَ إِلَى رَبَضِهِ وَمَلَكَهُ، وَحَصَرَ الْحِصْنَ مِنَ الرَّبَضِ، وَتَحَكَّمَ عَلَيْهِ فِي الْقِتَالِ، وَنَصَبَ عَلَيْهِ سَبْعَةَ مَجَانِيقَ لَا تَزَالُ تَرْمِي بِالْحِجَارَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا.
وَكَانَ صَلَاحُ الدِّينِ يَظُنُّ أَنَّ الْفِرِنْجَ لَا يُمَكِّنُونَهُ مِنْ حَصْرِ الْكَرَكِ، وَأَنَّهُمْ يَبْذُلُونَ جُهْدَهُمْ فِي رَدِّهِ عَنْهُمْ، فَلَمْ يَسْتَصْحِبْ مَعَهُ مِنْ آلَاتِ الْحِصَارِ مَا يَكْفِي لِمِثْلِ ذَلِكَ الْحِصْنِ الْعَظِيمِ وَالْمَعْقِلِ الْمَنِيعِ، فَرَحَلَ عَنْهُ مُنْتَصَفَ شَعْبَانَ، وَسَيَّرَ تَقِيَّ الدِّينِ ابْنَ أَخِيهِ إِلَى مِصْرَ نَائِبًا عَنْهُ لِيَتَوَلَّى مَا كَانَ أَخُوهُ الْعَادِلُ يَتَوَلَّاهُ، وَاسْتَصْحَبَ أَخَاهُ الْعَادِلَ مَعَهُ إِلَى دِمَشْقَ، وَأَعْطَاهُ مَدِينَةَ حَلَبَ وَقَلْعَتَهَا وَأَعْمَالَهَا، وَمَدِينَةَ مَنْبِجَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَسَيَّرَهُ إِلَيْهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنَ السَّنَةِ، وَأَحْضَرَ وَلَدَهُ الظَّاهِرَ مِنْهَا إِلَى دِمَشْقَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فُتِحَ الرِّبَاطُ الَّذِي بَنَتْهُ أُمُّ الْخَلِيفَةِ بِالْمَأْمُونِيَّةِ.
[الْوَفَيَاتُ] وَفِيهَا، فِي ذِي الْحِجَّةِ، تُوُفِّيَ مُكْرَمُ بْنُ بَخْتِيَارَ أَبُو الْخَيْرِ الزَّاهِدُ بِبَغْدَادَ. رَوَى الْحَدِيثَ، وَكَانَ كَثِيرَ الْبُكَاءِ.
وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ بَخْتِيَارَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَبْدِ الْمُوَلِّدِ الشَّاعِرُ وَيُعْرَفُ بِالْأَبْلَهِ، فَمِنْ جُمْلَةِ شِعْرِهِ: