عَسْكَرِهِ عَلَى الْبِيَرَةِ، وَلَمْ يَبْلُغُوا مِنْهَا غَرَضًا، أَمَرَهُمْ بِالرَّحِيلِ عَنْهَا، وَعَادَ إِلَى مَارِدِينَ، فَسَارَ صَاحِبُهَا إِلَى صَلَاحِ الدِّينِ، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى عَبَرَ مَعَهُ الْفُرَاتَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَثُرَتِ الْمُنْكَرَاتُ بِبَغْدَادَ فَأَقَامَ حَاجِبُ الْبَابِ جَمَاعَةً لِإِرَاقَةِ الْخُمُورِ، وَأَخْذِ الْمُفِسِدَاتِ، فَبَيْنَمَا امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ فِي مَوْضِعٍ، عَلِمَتْ بِمَجِيءِ أَصْحَابِ حَاجِبِ الْبَابِ. فَاضْطَّجَعَتْ، وَأَظْهَرَتْ أَنَّهَا مَرِيضَةٌ، وَارْتَفَعَ أَنِينُهَا، فَرَأَوْهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَتَرَكُوهَا وَانْصَرَفُوا، فَاجْتَهَدَتْ بَعْدَهُمْ أَنْ تَقُومَ. فَلَمْ تَقْدِرْ، وَجَعَلَتْ تَصِيحُ: الْكَرْبَ الْكَرْبَ، إِلَى أَنْ مَاتَتْ. وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ مَا يُحْكَى.
[الْوَفَيَاتُ] وَفِيهَا، عَاشِرُ ذِي الْحِجَّةِ، تُوُفِّيَ الْأَمِيرُ هُمَامُ الدِّينِ تَتَرُ، صَاحِبُ قَلْعَةِ تَكْرِيتَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، كَانَ قَدِ اسْتَخْلَفَ الْأَمِيرَ عِيسَى ابْنَ أَخِي مَوْدُودَ وَحَجَّ، فَتُوُفِّيَ، وَدُفِنَ بِالْمُعَلَّى مَقْبَرَةِ مَكَّةَ.
وَفِيهَا، فِي شَعْبَانَ، تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَبُو الْبَرَكَاتِ النَّحْوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْأَنْبَارِيِّ بِبَغْدَادَ، وَلَهُ تَصَانِيفُ حَسَنَةٌ فِي النَّحْوِ، وَكَانَ فَقِيهًا صَالِحًا.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ بِجَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَكَانَ فَاضِلًا كَثِيرَ الْوَرَعِ.