وَأَغَارَ صَاحِبُ طَرَابُلُسَ عَلَى جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ التُّرْكُمَانِ، فَاحْتَجَفَ أَمْوَالَهُمْ.
وَكَانَ صَلَاحُ الدِّينِ عَلَى بَانِيَاسَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَسَيَّرَ وَلَدَ أَخِيهِ تَقِيَّ الدِّينِ عُمَرَ إِلَى حَمَاةَ وَابْنَ عَمِّهِ نَاصِرَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ شِيرِكُوهْ إِلَى مِصْرَ، وَأَمْرَهُمَا بِحِفْظِ الْبِلَادِ، وَحِيَاطَةِ أَطْرَافِهَا مِنَ الْعَدُوِّ - دَمَّرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى -.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ انْكَسَفَ الْقَمَرُ نَحْوَ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَغَابَ مُنْكَسِفًا.
وَفِيهَا أَيْضًا، فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ، انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَقْتَ الْعَصْرِ، فَغَرَبَتْ مُنْكَسِفَةً.
[الْوَفَيَاتُ] وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَعْبَانَ، تُوُفِّيَ الْحَيْصَ بَيْصَ الشَّاعِرُ، وَاسْمُهُ سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ أَبُو الْفَوَارِسِ، وَكَانَ قَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَمَدَحَ الْخُلَفَاءَ وَالسَّلَاطِينَ وَالْأَكَابِرَ. وَشِعْرُهُ مَشْهُورٌ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ:
كُلَّمَا أَوْسَعْتُ حِلْمِيَ جَاهِلًا ... أَوْسَعَ الْفُحْشُ لَهُ فُحْشُ الْمَقَالِ
وَإِذَا شَارِدَةٌ فُهْتُ بِهَا ... سَبَقَتْ مَرَّ النُّعَامَى وَالشَّمَالِ
لَا تَلُمْنِي فِي شَقَائِي بِالْعُلَى ... رَغَدُ الْعَيْشِ لِرَبَّاتِ الْحِجَالِ
سَيْفُ عِزٍّ زَانَهُ رَوْنَقُهُ ... فَهُوَ بِالطَّبْعِ غَنِيٌّ عَنْ صِقَالِ
وَفِي الْمُحَرَّمِ مَاتَتْ شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْإِبَرِيِّ الْكَاتِبَةُ، وَسَمِعَتِ الْحَدِيثَ مِنَ السِّرَاجِ وَطَرَّادٍ وَغَيْرِهِمَا، وَعُمِّرَتْ حَتَّى قَارَبَتْ مِائَةَ سَنَةٍ، وَسَمِعَ عَلَيْهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ لِعُلُوِّ إِسْنَادِهَا.