يُمَرَّ بِهِ عَلَى مَجْلِسِ الْفَاضِلِ، فَاجْتَازُوا بِهِ عَلَيْهِ، فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَلَمْ يَجْتَمِعْ بِهِ، فَقَالَ عُمَارَةُ:
عَبْدُ الرَّحِيمِ قَدِ احْتَجَبْ ... إِنَّ الْخَلَاصَ هُوَ الْعَجَبْ
ثُمَّ صُلِبَ هُوَ وَالْجَمَاعَةُ، وَنُودِيَ فِي أَجْنَادِ الْمِصْرِيِّينَ بِالرَّحِيلِ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ وَمُفَارَقَتِهَا إِلَى أَقَاصِي الصَّعِيدِ، وَاحْتِيطَ عَلَى مَنْ بِالْقَصْرِ مِنْ سُلَالَةِ الْعَاضِدِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِهِ.
وَأَمَّا الَّذِينَ نَافَقُوا عَلَى صَلَاحِ الدِّينِ مِنْ جُنْدِهِ فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُمْ، وَلَا أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ عَلِمَ بِحَالِهِمْ.
وَأَمَّا الْفِرِنْجُ، فَإِنَّ فِرِنْجَ صِقِلِّيَّةَ قَصَدُوا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِمْ ظُهُورُ الْخَبَرِ عِنْدَ صَلَاحِ الدِّينِ.
وَأَمَّا فِرِنْجُ السَّاحِلِ الشَّامِيِّ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَحَرَّكُوا لِعِلْمِهِمْ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.
وَكَانَ عُمَارَةُ شَاعِرًا مُفْلِقًا، فَمِنْ شِعْرِهِ:
لَوْ أَنَّ قَلْبِي يَوْمَ كَاظِمَةٍ مَعِي ... لَمَلَكْتُهُ وَكَظَمْتُ فَيْضَ الْأَدْمُعِ
قَلْبٌ كَفَاكَ مِنَ الصَّبَابَةِ أَنَّهُ ... لَبَّى نِدَاءَ الظَّاعِنِينَ وَمَا دُعِيَ
مَا الْقَلْبُ أَوَّلَ غَادِرٍ فَأَلُومَهُ ... هِيَ شِيمَةُ الْأَيَّامِ مُذْ خُلِقَتْ مَعِي
وَمِنَ الظُّنُونِ الْفَاسِدَاتِ تَوَهُّمِي ... بَعْدَ الْيَقِينِ بَقَاءَهُ فِي أَضْلُعِي
وَلَهُ أَيْضًا:
لِي فِي هَوَى الرَّشَإِ الْعُذْرِيِّ إِعْذَارُ ... لَمْ يَبْقَ لِي مُذْ أَقَرَّ الدَّمْعُ إِنْكَارُ