بِالْمَدْرَسَةِ الَّتِي بَنَاهَا لِلْحَنَابِلَةِ بِبَابِ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ حَنْبَلِيَّ الْمَذْهَبِ، دَيِّنًا، خَيِّرًا، عَالِمًا يَسْمَعُ حَدِيثَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ فِيهِ التَّصَانِيفُ الْحَسَنَةُ، وَكَانَ ذَا رَأْيٍ سَدِيدٍ، وَنَافَقَ عَلَى الْمُقْتَفِي نِفَاقًا عَظِيمًا، حَتَّى إِنَّ الْمُقْتَفِي كَانَ يَقُولُ: لَمْ يَزِرْ لِبَنِي الْعَبَّاسِ مِثْلُهُ، وَلَمَّا مَاتَ قَبَضَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَهْلِهِ.
وَتُوُفَّيَ بِهَذِهِ السَّنَةِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْبَغْدَادِيُّ بِالْمَوْصِلِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، فَمِنْ قَوْلِهِ:
أَفْدِي الَّذِي وَكَّلَنِي حُبُّهُ ... بِطُولِ إِعْلَالٍ وَإِمْرَاضٍ
وَلَسْتُ أَدْرِي بَعْدَ ذَا كُلِّهِ ... أَسَاخِطٌ مَوْلَايَ أَمْ رَاضٍ
وَفِيهَا تُوُفِّيَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ عِكْرِمَةَ بْنِ الْبَرْزِيِّ الشَّافِعِيُّ، (تَفَقَّهَ عَلَى الْفَقِيهِ) إِلْكِيَا الْهَرَّاسِيِّ، وَكَانَ وَاحِدَ عَصْرِهِ فِي الْفِقْهِ، تَأْتِيهِ الْفَتَاوَى مِنَ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَسَائِرِ الْبِلَادِ، وَهُوَ مِنْ جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ.