جَلِيلَةَ الْمِقْدَارِ، وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يُفَادِيَهَا بِأَخِيهَا، فَأَطْلَقَهُ، فَعَادَ إِلَى مُلْكِهِ.
وَفِيهَا قَصَدَ صَاحِبُ صَيْدَا مِنَ الْفِرِنْجِ نُورَ الدِّينِ مَحْمُودٍ، صَاحِبَ الشَّامِ، مُلْتَجِئًا إِلَيْهِ، فَأَمَّنَهُ وَسَيَّرَ مَعَهُ عَسْكَرًا يَمْنَعُهُ مِنَ الْفِرِنْجِ أَيْضًا، فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ فِي الطَّرِيقِ كَمِينٌ لِلْفِرِنْجِ، فَقَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَمَاعَةً وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ.
فِيهَا مَلَكَ قُرَّا أَرْسِلَان، صَاحِبُ حِصْنِ كَيْفَا، قَلْعَةَ شَاتَانَ، وَكَانَتْ لِطَائِفَةٍ مِنَ الْأَكْرَادِ يُقَالُ لَهُمُ الْجُونِيَّةُ، فَلَمَّا مَلَكَهَا خَرَّبَهَا وَأَضَافَ وِلَايَتَهَا إِلَى حِصْنِ طَالِبٍ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْكَمَالُ حَمْزَةُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ طَلْحَةَ صَاحِبُ الْمَخْزَنِ، كَانَ جَلِيلَ الْقَدْرِ أَيَّامَ الْمُسْتَرْشِدِ بِاللَّهِ، وَوَلِيَ الْمُقْتَفِي، وَبَنَى مَدْرَسَةً لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بِالْقُرْبِ مِنْ دَارِهِ، ثُمَّ حَجَّ وَعَادَ وَقَدْ لَبِسَ الْفُوَطَ وَزِيَّ الصُّوفِيَّةِ وَتَرَكَ الْأَعْمَالَ، فَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِيهِ:
يَا عَضُدَ الْإِسْلَامِ يَا مَنْ سَمَتْ ... إِلَى الْعُلَا هِمَّتُهُ الْفَاخِرَهْ
كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا، فَلَمْ تَرْضَهَا ... مُلْكًا فَأَخْلَدْتَ إِلَى الْآخِرَهْ
وَبَقِيَ مُنْقَطِعًا فِي بَيْتِهِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَلَمْ يَزَلْ مُحْتَرَمًا يَغْشَاهُ النَّاسُ كَافَّةً.