مُجِدًّا، وَصَعِدَ الْقَلْعَةَ، وَأَجْلَسَ نُورَ الدِّينِ فِي شُبَّاكٍ يَرَاهُ النَّاسُ، وَكَلَّمَهُمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ حَيًّا تَفَرَّقُوا عَنْ أَخِيهِ أَمِيرِ أَمِيرَانَ، فَسَارَ إِلَى حَرَّانَ فَمَلَكَهَا.
فَلَمَّا عُوفِيَ نُورُ الدِّينِ قَصَدَ حَرَّانَ لِيُخَلِّصَهَا، فَهَرَبَ أَخُوهُ مِنْهُ، وَتَرَكَ أَوْلَادَهُ بَحَرَّانَ فِي الْقَلْعَةِ، فَمَلَكَهَا نُورُ الدِّينِ، وَسَلَّمَهَا إِلَى زَيْنِ الدِّينِ عَلِيٍّ نَائِبِ أَخِيهِ قُطْبِ [الدِّينِ] ، صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، ثُمَّ سَارَ نُورُ الدِّينِ بَعْدَ أَخْذِ حَرَّانَ إِلَى الرَّقَّةِ، وَبِهَا أَوْلَادُ أَمِيرَكَ الْجَانْدَارِ، وَهُوَ مِنْ أَعْيَانِ الْأُمَرَاءِ، وَقَدْ تُوُفِّيَ وَبَقِيَ أَوْلَادُهُ، فَنَازَلَهَا، فَشَفَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ فِيهِمْ، فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: هَلَّا شَفَعْتُمْ فِي أَوْلَادِ أَخِي لَمَّا أُخِذَتْ مِنْهُمْ حَرَّانُ، وَكَانَتِ الشَّفَاعَةُ فِيهِمْ مِنْ أَحَبِّ الْأَشْيَاءِ إِلَيَّ! فَلَمْ يُشَفِّعْهُمْ وَأَخَذَهَا مِنْهُمْ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَرِضَ الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ، وَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، وَعُوفِيَ، فَضُرِبَتِ الْبَشَائِرُ بِبَغْدَادَ، وَفُرِّقَتِ الصَّدَقَاتُ مِنَ الْخَلِيفَةِ وَمِنْ أَرْبَابِ الدَّوْلَةِ، وَغُلِقَ الْبَلَدُ أُسْبُوعًا.
وَفِيهَا عَادَ تُرْشَكُ إِلَى بَغْدَادَ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ أَلْقَى نَفْسَهُ تَحْتَ التَّاجِ وَمَعَهُ سَيْفٌ وَكَفَنٌ، وَكَانَ قَدْ عَصَى عَلَى الْخَلِيفَةِ وَالْتَحَقَ بِالْعَجَمِ، فَعَادَ الْآنَ فَرَضِيَ عَنْهُ، وَأَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِ دَارِ الْخِلَافَةِ وَأُعْطِيَ مَالًا.
وَفِيهَا، فِي جُمَادَى الْأُولَى، أَرْسَلَ مُحَمَّدُ (بْنُ أُنُزَ) صَاحِبُ قُهِسْتَانَ عَسْكَرًا إِلَى بَلَدِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ لِيَأْخُذَ مِنْهُمُ الْخَرَاجَ الَّذِي عَلَيْهِمْ، فَنَزَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ مِنَ الْجِبَالِ، فَقَتَلُوا كَثِيرًا مِنَ الْعَسْكَرِ، وَأَسَرُوا الْأَمِيرَ الَّذِي كَانَ مُقَدَّمًا عَلَيْهِمُ اسْمُهُ قَيْبَةُ، وَهُوَ صِهْرُ