لَمَّا كَانَ رَأْسُ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ النِّسَارِ اجْتَمَعَ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ كَانَ شَهِدَ النِّسَارَ، وَكَانَ رُؤَسَاؤُهُمْ بِالْجِفَارِ الرُّؤَسَاءَ الَّذِينَ كَانُوا يَوْمَ النِّسَارِ، إِلَّا أَنَّ بَنِي عَامِرٍ قِيلَ كَانَ رَئِيسَهُمْ بِالْجِفَارِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ، فَالْتَقَوْا بِالْجِفَارِ وَاقْتَتَلُوا، وَصَبَرَتْ تَمِيمٌ، فَعَظُمَ فِيهَا الْقَتْلُ وَخَاصَّةً فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، وَكَانَ يَوْمُ الْجِفَارِ يُسَمَّى الصَّيْلَمَ لِكَثْرَةِ مَنْ قُتِلَ بِهِ، وَقَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ فِي عُصْبَةِ تَمِيمٍ لِبَنِي عَامِرٍ:
غَضِبَتْ تَمِيمٌ أَنْ يُقَتَّلَ عَامِرٌ يَوْمَ ... النِّسَارِ فَأَعْقَبُوا بِالصَّيْلَمِ
كُنَّا إِذَا نَفَرُوا لِحَرْبٍ نَفْرَةً ... نَشْفِي صُدَاعَهُمْ بِرَأْسٍ صِلْدِمِ
نَعْلُو الْفَوَارِسَ بِالسُّيُوفِ وَنَعْتَزِي ... وَالْخَيْلُ مُشْعَلَةُ النُّحُورِ مِنَ الدَّمِ
يَخْرُجْنَ مِنْ خَلَلِ الْغُبَارِ عَوَابِسًا ... خَبَبَ السِّبَاعِ بِكُلِّ لَيْثٍ ضَيْغَمِ
وَهِيَ عِدَّةُ أَبْيَاتٍ، وَقَالَ أَيْضًا:.
يَوْمُ الْجِفَارِ وَيَوْمُ النِّسَا رِ كَانَا عَذَابًا وَكَانَا غَرَامَا
فَأَمَّا تَمِيمٌ تَمِيمُ بْنُ مُرٍّ ... فَأَلْفَاهُمُ الْقَوْمُ رَوْبَى نِيَامَا
وَأَمَّا بَنُو عَامِرٍ بِالْجِفَارِ ... وَيَوْمِ النِّسَارِ فَكَانُوا نَعَامَا
فَلَمَّا أَكْثَرَ بِشْرٌ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ، قِيلَ لَهُ: مَا لَكَ وَلِتَمِيمٍ وَهُمْ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْكَ أَرْحَامًا؟ فَقَالَ: إِذَا فَرَغْتُ مِنْهُمْ فَرَغْتُ مِنَ النَّاسِ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ.