لِيَخْرُجُوا مِنَ الدَّارِ رَمَحَ الْفَرَسُ رَجُلًا كَانَ أَوَّلَهُمْ فَقَتَلَهُ، وَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنَ الْخُرُوجِ، فَسَقَطَتِ الدَّارُ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ، وَخَرِبَتِ الْقَلْعَةُ وَسَقَطَ سُورُهَا وَكُلُّ بِنَاءٍ فِيهَا، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهَا إِلَّا الشَّرِيدُ، فَبَادَرَ إِلَيْهَا بَعْضُ أُمَرَائِهِ، وَكَانَ بِالْقُرْبِ مِنْهَا، فَمَلَكَهَا وَتَسَلَّمَهَا نُورُ الدِّينِ مِنْهُ، فَمَلَكَهَا وَعَمَّرَ أَسْوَارَهَا وَدُورَهَا، وَأَعَادَهَا جَدِيدَةً.

ذِكْرُ وَفَاةِ الدُّبَيْسِيِّ صَاحِبِ جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ وَاسْتِيلَاءِ قُطْبِ الدِّينِ مَوْدُودٍ عَلَى الْجَزِيرَةِ

كَانَتِ الْجَزِيرَةُ لِأَتَابَكَ زَنْكِي، فَلَمَّا قُتِلَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] أَقْطَعَهَا ابْنَهُ سَيْفُ الدِّينِ غَازِي لِلْأَمِيرِ أَبِي بَكْرٍ الدُّبَيْسِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ أُمَرَاءِ وَالِدِهِ، فَبَقِيَتْ بِيَدِهِ إِلَى الْآنَ، وَتَمَكَّنَ مِنْهَا وَصَارَ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ عَلَى قُطْبِ الدِّينِ أَخْذُهَا مِنْهُ، فَمَاتَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَلَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا مَمْلُوكٌ لَهُ اسْمُهُ غُلْبَكُ، وَأَطَاعَهُ جُنْدُهَا، فَحَصَرَهُمْ مَوْدُودٌ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تَسَلَّمَهَا مِنْ غُلْبَكَ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ، وَأَعْطَاهُ عِوَضَهَا إِقْطَاعًا كَثِيرًا.

ذِكْرُ وَفَاةِ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ تُوُفِّيَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ بْنُ مَلِكْشَاهْ بْنِ أَلْبَ أَرْسَلَانَ، أَبُو الْحَرْثِ، أَصَابَهُ قُولَنْجُ، ثُمَّ بَعْدَهُ إِسْهَالٌ، فَمَاتَ مِنْهُ وَمَوْلِدُهُ سِنْجَارُ، مِنْ دِيَارِ الْجَزِيرَةِ، فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَسَكَنَ خُرَاسَانَ، وَاسْتَوْطَنَ مَدِينَةَ مَرْوَ، وَدَخَلَ بَغْدَادَ مَعَ أَخِيهِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، وَاجْتَمَعَ مَعَهُ بِالْخَلِيفَةِ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ، فَعَهِدَ إِلَى مُحَمَّدٍ بِالسَّلْطَنَةِ وَجَعَلَ سَنْجَرَ وَلِيَّ عَهْدٍ.

فَلَمَّا مَاتَ مُحَمَّدٌ، خُوطِبَ سَنْجَرُ بِالسُّلْطَانِ، وَاسْتَقَامَ أَمْرُهُ، وَأَطَاعَهُ السَّلَاطِينُ وَخُطِبَ لَهُ عَلَى أَكْثَرِ مَنَابِرِ الْإِسْلَامِ بِالسَّلْطَنَةِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَ قَبْلَهَا يُخَاطَبُ بِالْمُلْكِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ عَالِيًا وَجَدُّهُ مُتَرَاقِيًا إِلَى أَنْ أَسَرَهُ الْغُزُّ عَلَى مَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015