تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَبِالْجُمْلَةِ فَابْتِدَاءُ دَوْلَةِ الْغُورِيَّةِ عِنْدِي فِيهِ خُلْفٌ لَوْ يَنْكَشِفُ الْحَقُّ فَأُصْلِحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ الْخُطْبَةِ لِغِيَاثِ الدِّينِ بِالسَّلْطَنَةِ
لَمَّا اسْتَقَرَّ مُلْكُهُمْ بِلَهَاوُورَ وَاتَّسَعَتْ مَمْلَكَتُهُمْ وَكَثُرَتْ عَسَاكِرُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ كَتَبَ غِيَاثُ الدِّينِ إِلَى أَخِيهِ شِهَابِ الدِّينِ بِإِقَامَةِ الْخُطْبَةِ لَهُ بِالسَّلْطَنَةِ، وَتَلَقَّبَ بِأَلْقَابِ السَّلَاطِينِ، كَانَ لَقَبُهُ شَمْسَ الدِّينِ، فَتَلَقَّبَ غِيَاثَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا مُعِينَ الْإِسْلَامِ، قَسِيمَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ; وَلَقَّبَ أَخَاهُ مُعِزَّ الدِّينِ، فَفَعَلَ شِهَابُ الدِّينِ ذَلِكَ وَخَطَبَ لَهُ بِالسَّلْطَنَةِ.
ذِكْرُ مُلْكِ غِيَاثِ الدِّينِ هَرَاةَ وَغَيْرَهَا مِنْ خُرَاسَانَ
لَمَّا فَرَغَ شِهَابُ الدِّينِ مِنْ إِصْلَاحِ أَمْرِ لَهَاوُورَ وَتَقْرِيرِ قَوَاعِدِهَا، سَارَ إِلَى أَخِيهِ غِيَاثِ الدِّينِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ بِهِ اسْتَقَرَّ رَأْيُهُمَا عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى خُرَاسَانَ وَقَصَدَ مَدِينَةَ هَرَاةَ وَمُحَاصَرَتَهَا، فَسَارَا فِي الْعَسَاكِرِ الْكَثِيرَةِ إِلَيْهَا، وَكَانَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ السَنْجَرِيَّةِ، فَنَازَلَا الْبَلَدَ وَحَصَرَاهُ، وَضَيَّقَا عَلَى مَنْ بِهِ، فَاسْتَسْلَمُوا إِلَيْهِمَا، وَأَرْسَلُوا يَطْلُبُونَ الْأَمَانَ مِنْهُمَا، فَأَجَابَاهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَأَمَّنَاهُمْ، فَتَسَلَّمَا الْبَلَدَ، وَأَخْرَجَا مَنْ فِيهِ مِنَ الْأُمَرَاءِ السَنْجَرِيَّةِ، وَاسْتَنَابَ فِيهِ غِيَاثُ الدِّينِ خَزْنَكَ الْغَوْرِيَّ، وَسَارَ غِيَاثُ الدِّينِ وَأَخُوهُ إِلَى فُوشَنْجَ فَمَلَكَاهَا، ثُمَّ إِلَى بَاذَغِيسَ وَكَالِينَ وَبَيْوَارَ فَمَلَكَاهَا أَيْضًا، وَتَسَلَّمَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ غِيَاثُ الدِّينِ، وَأَحْسَنَ السِّيرَةَ فِي الْبِلَادِ، وَرَجَعَ إِلَى فَيْرُوزَكُوهْ، وَرَجَعَ شِهَابُ الدِّينِ إِلَى غَزْنَةَ.
(وَكَانَ) يَنْبَغِي أَنَّ حَوَادِثَ الْغُورِيَّةِ تُذْكَرُ فِي السِّنِينَ، وَإِنَّمَا جَمَعْنَاهَا لِيَتْلُوَ