وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ، جَلَسَ يُوسُفُ الدِّمَشْقِيُّ مُدَرِّسًا فِي النِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ جُلُوسُهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْخَلِيفَةِ، فَمُنِعَ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، مِنْ دُخُولِ الْجَامِعِ، فَصَلَّى فِي جَامِعِ السُّلْطَانِ، وَمُنِعَ مِنَ التَّدْرِيسِ، فَتَقَدَّمَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ إِلَى الشَّيْخِ أَبِي النَّجِيبِ بِأَنْ يُدَرِّسَ فِيهَا، فَامْتَنَعَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْخَلِيفَةِ فَاسْتَخْرَجَ السُّلْطَانُ إِذْنَ الْخَلِيفَةِ فِي ذَلِكَ، فَدَرَّسَ مُنْتَصَفَ الْمُحَرَّمِ مِنَ السَّنَةِ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، تَفَقَّهَ عَلَى الْهَرَّاسِيِّ، وَوَلِيَ قَضَاءَ نَصِيبِينَ، ثُمَّ تَرَكَ الْقَضَاءَ وَتَزَهَّدَ، فَأَقَامَ بِجَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى جَبَلٍ بِبَلَدِ الْحِصْنِ، فِي زَاوِيَةٍ، وَكَانَ لَهُ كَرَامَاتٌ ظَاهِرَةٌ.
وَفِيهَا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ ذِي النُّونِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الشُّغْرِيُّ أَبُو الْمَفَاخِرِ النَّيْسَابُورِيُّ، سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ فَقِيهًا أَدِيبًا دَائِمَ الْأَشْغَالِ، يَعِظُ النَّاسَ، وَكَانَ مِمَّا يُنْشِدُ:
مَاتَ الْكِرَامُ وَوَلَّوْا وَانْقَضَوْا وَمَضَوْا ... وَمَاتَ مِنْ بَعْدِهِمْ تِلْكَ الْكَرَامَاتُ
وَخَلَّفُونِي فِي قَوْمٍ ذَوِي سَفَهٍ ... لَوْ أَبْصَرُوا طَيْفَ ضَيْفٍ فِي الْكَرَى مَاتُوا