الْأَمْدَادِ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ رُبَّمَا أَخَذَ دِمَشْقَ وَتَضْعُفُ عَنْ مُقَاوَمَتِهِ، وَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى رَحَلَ عَنِ الْبَلَدِ، وَتَسَلَّمُوا قَلْعَةَ بَانْيَاسَ، وَعَادَ الْفِرِنْجُ الْأَلْمَانِيَّةُ إِلَى بِلَادِهِمْ مِنْ وَرَاءِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ شَرَّهُمْ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ: أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ حَكَى لَهُ أَنَّهُ رَأَى الْفَنْدَلَاوِيَّ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ: وَأَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي، وَأَنَا فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ.
ذِكْرُ مُلْكِ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ زَنْكِي حِصْنَ الْعُرَيْمَةِ
لَمَّا سَارَ الْفِرِنْجُ عَنْ دِمَشْقَ رَحَلَ نُورُ الدِّينِ إِلَى حِصْنِ الْعُرَيْمَةِ، وَهُوَ لِلْفِرِنْجِ، فَمَلَكَهُ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مَلِكَ الْأَلْمَانِ لَمَّا خَرَجَ إِلَى الشَّامِ كَانَ مَعَهُ وَلَدُ الْفُنْشِ، وَهُوَ مِنْ أَوْلَادِ مُلُوكِ الْفِرِنْجِ، وَكَانَ جَدُّهُ هُوَ الَّذِي أَخَذَ طَرَابُلُسَ الشَّامِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَخَذَ حِصْنَ الْعُرَيْمَةِ وَتَمَلَّكَهُ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَخْذَ طَرَابُلُسَ مِنَ الْقُمَّصِ، فَأَرْسَلَ الْقُمَّصُ إِلَى نُورِ الدِّينِ مَحْمُودٍ، وَقَدِ اجْتَمَعَ هُوَ وَمُعِينُ الدِّينِ أُنُرُ بِبَعْلَبَكَّ، يَقُولُ لَهُ وَلِمُعِينِ الدِّينِ لِيَقْصِدَا حِصْنَ الْعُرَيْمَةِ وَيَمْلِكَاهُ مِنْ وَلَدِ الْفُنْشِ، فَسَارَا إِلَيْهِ مُجِدِّينَ فِي عَسَاكِرِهِمَا، وَأَرْسَلَا إِلَى سَيْفِ الدِّينِ وَهُوَ بِحِمْصَ يَسْتَنْجِدَانِهِ، فَأَمَدَّهُمَا بِعَسْكَرٍ كَثِيرٍ مَعَ الْأَمِيرِ عِزِّ الدِّينِ أَبِي بَكْرٍ الدُّبَيْسِيِّ، صَاحِبِ جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهَا، فَنَازَلُوا الْحِصْنَ وَحَصَرُوهُ، وَبِهِ ابْنُ الْفُنْشِ، فَحَمَاهُ وَامْتَنَعَ بِهِ، فَزَحَفَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَتَقَدَّمَ