خَوْفًا أَنْ يَقَعَ رَدُّ تِلْكَ الدُّفْعَةِ.

ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ عَلَى جَزِيرَةِ الْأَنْدَلُسِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ جَيْشًا إِلَى جَزِيرَةِ الْأَنْدَلُسِ، فَمَلَكُوا مَا فِيهَا مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الْمُؤْمِنِ لَمَّا كَانَ يُحَاصِرُ مَرَّاكُشَ جَاءَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْأَنْدَلُسِ مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدِينَ، وَمَعَهُمْ مَكْتُوبٌ يَتَضَمَّنُ بَيْعَةَ أَهْلِ الْبِلَادِ الَّتِي هُمْ فِيهَا لِعَبْدِ الْمُؤْمِنِ، وَدُخُولَهُمْ فِي زُمْرَةِ أَصْحَابِهِ الْمُوَحِّدِينَ، وَإِقَامَتَهُمْ لِأَمْرِهِ، فَقَبِلَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَشَكَرَهُمْ عَلَيْهِ، وَطَيَّبَ قُلُوبَهُمْ، وَطَلَبُوا مِنْهُ النُّصْرَةَ عَلَى الْفِرِنْجِ، فَجَهَّزَ جَيْشًا كَثِيفًا وَسَيَّرَهُ مَعَهُمْ، وَعَمَّرَ أُسْطُولًا وَسَيَّرَهُ فِي الْبَحْرِ، فَسَارَ الْأُسْطُولُ إِلَى الْأَنْدَلُسِ، وَقَصَدُوا مَدِينَةَ إِشْبِيلِيَّةَ، وَصَعِدُوا فِي نَهْرِهَا، وَبِهَا جَيْشٌ مِنَ الْمُلَثَّمِينَ، فَحَصَرُوهَا بَرًّا وَبَحْرًا وَمَلَكُوهَا عَنْوَةً، وَقُتِلَ فِيهَا جَمَاعَةٌ وَأَمِنَ النَّاسُ فَسَكَنُوا، وَاسْتَوْلَتِ الْعَسَاكِرُ عَلَى الْبِلَادِ، وَكَانَ لِعَبْدِ الْمُؤْمِنِ (مَنْ بِهَا) .

ذِكْرُ قَتْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ طَغَايُرْكَ وَعَبَّاسٍ صَاحِبِ الرَّيِّ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَتَلَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ أَمِيرَ حَاجِبٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ طَغَايُرْكَ، وَهُوَ صَاحِبُ خَلْخَالَ وَبَعْضِ أَذْرَبِيجَانَ وَالْحَاكِمُ فِي دَوْلَةِ السُّلْطَانِ، وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ مَعَهُ حُكْمٌ.

وَكَانَ سَبَبَ قَتْلِهِ أَنَّ السُّلْطَانَ لَمَّا ضَيَّقَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَقِيَ مَعَهُ شِبْهَ الْأَسِيرِ، لَيْسَ لَهُ فِي الْبِلَادِ حُكْمٌ، حَتَّى إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَصَدَ غُلَامًا كَانَ لِلسُّلْطَانِ، وَهُوَ بِكْ أَرْسَلَانُ، الْمَعْرُوفُ بِخَاصِّ بِكْ بْنِ بَلَنْكَرِي، وَقَدْ رَبَّاهُ السُّلْطَانُ وَقَرَّبَهُ فَأَبْعَدَهُ عَنْهُ، وَصَارَ لَا يَرَاهُ، وَكَانَ فِي [خَاصِّ] بِكْ عَقْلٌ وَتَدْبِيرٌ وَجَوْدَةُ قَرِيحَةٍ، وَتَوَصَّلَ لِمَا يُرِيدُ أَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015