وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ رَحَلَ بِهِمْ عَائِدًا إِلَى بِلَادِهِمْ.
ذِكْرُ مُلْكِ زَنْكِي شَهْرَزُورَ وَأَعْمَالَهَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ أَتَابَكْ زَنْكِي شَهْرَزُورَ وَأَعْمَالَهَا، وَمَا يُجَاوِرُهَا مِنَ الْحُصُونِ، وَكَانَتْ بِيَدِ قُفْجَاقَ بْنِ أَرْسِلَانْ تَاشَ التُّرْكُمَانِيِّ، وَكَانَ حُكْمُهُ نَافِذًا عَلَى قَاصِي التُّرْكُمَانِ وَدَانِيهِمْ، وَكَلِمَتُهُ لَا تُخَالَفُ، يَرَوْنَ طَاعَتَهُ فَرْضًا، فَتَحَامَى الْمُلُوكُ قَصْدَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِوِلَايَتِهِ لِهَذَا؛ وَلِأَنَّهَا مَنِيعَةٌ كَثِيرَةُ الْمَضَايِقِ، فَعَظُمَ شَأْنُهُ وَازْدَادَ جَمْعُهُ، وَأَتَاهُ التُّرْكُمَانُ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ.
فَلَمَّا كَانَ هَذِهِ السَّنَةَ سَيَّرَ إِلَيْهِ أَتَابَكْ زَنْكِي عَسْكَرًا، فَجَمَعَ أَصْحَابَهُ وَلَقِيَهُمْ، فَتَصَافُّوا وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ قُفْجَاقُ، وَاسْتُبِيحَ عَسْكَرُهُ، وَسَارَ الْجَيْشُ الْأَتَابَكِيُّ [فِي أَعْقَابِهِمْ فَحَصَرُوا الْحُصُونَ وَالْقِلَاعَ فَمَلَكُوهَا جَمِيعَهَا، وَبَذَلُوا الْأَمَانَ لِقُفْجَاقَ، فَصَارَ إِلَيْهِمْ وَانْخَرَطَ فِي سِلْكِ الْعَسَاكِرِ] وَلَمْ يَزَلْ هُوَ، وَبَنُوهُ فِي خِدْمَةِ الْبَيْتِ الْأَتَابَكِيِّ عَلَى أَحْسَنَ قَضِيَّةٍ إِلَى بَعْدَ سَنَةِ سِتِّمِائَةٍ بِقَلِيلٍ، وَفَارَقُوهَا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ جَرَى بَيْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ وَبَيْنَ الْوَزِيرِ شَرَفِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ طِرَادٍ الزَّيْنَبِيِّ مُنَافَرَةٌ، وَسَبَبُهَا أَنَّ الْوَزِيرَ كَانَ يَعْتَرِضُ الْخَلِيفَةَ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ، فَنَفَرَ الْخَلِيفَةُ مِنْ ذَلِكَ، فَغَضِبَ الْوَزِيرُ، ثُمَّ خَافَ فَقَصَدَ دَارَ السُّلْطَانِ فِي سَمِيرِيَّةَ وَقْتَ الظُّهْرِ، وَدَخَلَ إِلَيْهَا وَاحْتَمَى بِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ فِي الْعَوْدِ إِلَى مَنْصِبِهِ فَامْتَنَعَ، وَكَانَتِ الْكُتُبُ تَصْدُرُ بِاسْمِهِ، وَاسْتُنِيبَ قَاضِي الْقُضَاةِ الزَّيْنَبِيَّ وَهُوَ ابْنُ