ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ السُّلْطَانِ طُغْرُلَ وَالْمَلِكِ دَاوُدَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَمَضَانَ كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ الْمَلِكِ طُغْرُلَ، وَبَيْنَ ابْنِ أَخِيهِ الْمَلِكِ دَاوُدَ بْنِ مَحْمُودٍ، وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ السُّلْطَانَ سَنْجَرَ أَجْلَسَ الْمَلِكَ طُغْرُلَ فِي السَّلْطَنَةِ - كَمَا ذَكَرْنَاهُ - وَعَادَ إِلَى خُرَاسَانَ ; لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ صَاحِبَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ أَحْمَدَ خَانْ قَدْ عَصَى عَلَيْهِ، فَبَادَرَ إِلَى الْعَوْدِ لِتَلَافِي ذَلِكَ الْخَرْقِ، فَلَمَّا عَادَ إِلَى خُرَاسَانَ عَصَى الْمَلِكُ دَاوُدُ عَلَى عَمِّهِ طُغْرُلَ وَخَالَفَهُ، وَجَمَعَ الْعَسَاكِرَ بِأَذْرَبِيجَانَ وَبِلَادِ كَنْجَةَ، وَسَارَ إِلَى هَمَذَانَ، فَنَزَلَ مُسْتَهَلَّ رَمَضَانَ عِنْدَ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: وَهْمَانَ بِقُرْبِ هَمَذَانَ.
وَخَرَجَ إِلَيْهِ طُغْرُلُ، وَعَبَّأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابَهُ مَيْمَنَةً وَمَيْسَرَةً، وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ السُّلْطَانِ طُغْرُلَ ابْنُ بُرْسُقَ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ قَزَلُ، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ قَرَاسُنْقُرُ، وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ دَاوُدَ يَرَنْقَشُ الزَّكَوِيُّ وَلَمْ يُقَاتِلْ، فَلَمَّا رَأَى التُّرْكُمَانُ ذَلِكَ نَهَبُوا خِيَمَهُ وَبِرَكَهُ جَمِيعَهُ، وَوَقَعَ الْخُلْفُ فِي عَسْكَرِ دَاوُدَ، فَلَمَّا رَأَى أَتَابَكُهُ آقَسُنْقَرُ الْأَحْمَدِيلِيُّ ذَلِكَ وَلَّى هَرَبًا، وَتَبِعَهُ النَّاسُ فِي الْهَزِيمَةِ، وَقَبَضَ طُغْرُلُ عَلَى يَرَنْقَشَ الزَّكَوِيِّ وَعَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ.
وَأَمَّا الْمَلِكُ دَاوُدُ فَإِنَّهُ لَمَّا انْهَزَمَ بَقِيَ مُتَحَيِّرًا إِلَى أَوَائِلَ ذِي الْقَعْدَةِ، فَقَدِمَ بَغْدَاذَ وَمَعَهُ أَتَابَكُهُ آقَسُنْقَرُ الْأَحْمَدِيلِيُّ، فَأَكْرَمَهُ الْخَلِيفَةُ، وَأَنْزَلَهُ بِدَارِ السُّلْطَانِ، وَكَانَ الْمَلِكُ مَسْعُودٌ بِكَنْجَةَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِانْهِزَامِ الْمَلِكِ دَاوُدَ تَوَجَّهَ نَحْوَ بَغْدَاذَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبَضَ الْمُسْتَرْشِدُ بِاللَّهِ عَلَى وَزِيرِهِ شَرَفِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ طِرَادٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَاسْتَوْزَرَ أَنُوشِرْوَانَ بْنَ خَالِدٍ بَعْدَ أَنِ امْتَنَعَ وَسَأَلَ الْإِقَالَةَ.