سُلْطَانًا أَحْكُمُ عَلَيْهِ.
فَقَتَلَهُ صَبْرًا، وَأَرْسَلَ إِلَى السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ يَسْتَدْعِيهِ فَحَضَرَ عِنْدَهُ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَ خُونْجَ، فَلَمَّا رَآهُ قَبَّلَهُ وَأَكْرَمَهُ وَعَاتَبَهُ عَلَى الْعِصْيَانِ عَلَيْهِ وَمُخَالَفَتِهِ، وَأَعَادَهُ إِلَى كَنْجَةَ، وَأَجْلَسَ الْمَلِكُ طُغْرُلَ ابْنَ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ فِي السَّلْطَنَةِ، وَخَطَبَ لَهُ جَمِيعَ الْبِلَادِ، وَجَعَلَ فِي وِزَارَتِهِ أَبَا الْقَاسِمِ الْأَنْسَابَاذِيَّ وَزِيرَ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، وَعَادَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَوَصَلَ إِلَى نَيْسَابُورَ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ [وَخَمْسِمَائَةٍ] .
وَأَمَّا الْمُسْتَرْشِدُ بِاللَّهِ فَكَانَ مِنْهُ مَا نَذْكُرُهُ.
ذِكْرُ مَسِيرِ عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِي إِلَى بَغْدَاذَ وَانْهِزَامِهِ
لَمَّا سَارَ الْمُسْتَرْشِدُ بِاللَّهِ مِنْ بَغْدَاذَ وَبَلَغَهُ انْهِزَامُ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ، عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ بِوُصُولِ عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِي إِلَى بَغْدَاذَ، وَمَعَهُ دُبَيْسُ بْنُ صَدَقَةَ، وَكَانَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ قَدْ كَاتَبَهُمَا وَأَمَرَهُمَا بِقَصْدِ الْعِرَاقِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا عَلِمَ الْخَلِيفَةُ بِذَلِكَ أَسْرَعَ الْعَوْدَ إِلَيْهَا، وَعَبَرَ إِلَى الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، وَسَارَ فَنَزَلَ بِالْعَبَّاسِيَّةِ، وَنَزَلَ عِمَادُ الدِّينِ بِالْمَنَارِيَّةِ مِنْ دُجَيْلٍ، وَالْتَقَيَا بِحِصْنِ الْبَرَامِكَةِ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، فَابْتَدَأَ زَنْكِي فَحَمَلَ عَلَى مَيْمَنَةِ الْخَلِيفَةِ، وَبِهَا جَمَالُ الدَّوْلَةِ إِقْبَالُ، فَانْهَزَمُوا مِنْهُ، وَحَمَلَ نَظَرُ الْخَادِمِ مِنْ مَيْسَرَةِ الْخَلِيفَةِ عَلَى مَيْمَنَةِ عِمَادِ الدِّينِ وَدُبَيْسٍ، وَحَمَلَ الْخَلِيفَةُ بِنَفْسِهِ، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ، فَانْهَزَمَ دُبَيْسٌ، وَأَرَادَ عِمَادُ الدِّينِ الصَّبْرَ فَرَأَى النَّاسَ قَدْ تَفَرَّقُوا عَنْهُ فَانْهَزَمَ أَيْضًا، وَقُتِلَ مِنَ الْعَسْكَرِ جَمَاعَةٌ وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ، وَبَاتَ الْخَلِيفَةُ هُنَاكَ لَيْلَتَهُ، وَعَادَ مِنَ الْغَدِ إِلَى بِغَدَاذَ.