وَفِيهَا تَأَخَّرَ مَسِيرُ الْحَجَّاجِ تَأَخُّرًا أُرْجِفَ بِسَبَبِهِ بِانْقِطَاعِ الْحَجِّ مِنَ الْعِرَاقِ فَرَتَّبَ الْخَلِيفَةُ الْأَمِيرَ نَظَرَ، خَادِمَ أَمِيرِ الْجُيُوشِ يُمْنَ، وَوَلَّاهُ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ مَا كَانَ يَتَوَلَّاهُ أَمِيرُ الْجُيُوشِ، وَأَعْطَاهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ، وَسَيَّرَهُ، فَأَدْرَكُوا الْحَجَّ وَظَهَرَتْ كِفَايَةُ نَظَرَ.
وَفِيهَا وَصَلَ مَرْكِبَانِ كَبِيرَانِ فِيهِمَا قُوَّةٌ وَنَجْدَةٌ لِلْفِرِنْجِ بِالشَّامِ، فَغَرِقَا، وَكَانَ النَّاسُ قَدْ خَافُوا مِمَّنْ فِيهِمَا.
وَفِيهَا وَصَلَ رَسُولُ إِيلْغَازِي، صَاحِبُ حَلْبَ وَمَارِدِينَ، إِلَى بَغْدَاذَ يَسْتَنْفِرُ عَلَى الْفِرِنْجِ، وَيَذْكُرُ مَا فَعَلُوا بِالْمُسْلِمِينَ فِي الدِّيَارِ الْجَزَرِيَّةِ، وَأَنَّهُمْ مَلَكُوا قَلْعَةً عِنْدَ الرُّهَا، وَقَتَلُوا أَمِيرَهَا ابْنَ عُطَيْرٍ، فَسُيِّرَتِ الْكُتُبُ بِذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ.
وَفِيهَا نُقِلَ الْمُسْتَظْهِرُ إِلَى الرُّصَافَةِ، وَجَمِيعُ مَنْ كَانَ مَدْفُونًا بِدَارِ الْخِلَافَةِ، وَفِيهِمْ جَدَّةُ الْمُسْتَظْهِرِ أُمُّ الْمُقْتَدِي، وَكَانَتْ وَفَاتُهَا بَعْدَ الْمُسْتَظْهِرِ، وَرَأَتِ الْبَطْنَ الرَّابِعَ مِنْ أَوْلَادِهَا.
وَفِيهَا كَثُرَ أَمْرُ الْعَيَّارِينِ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَاذَ، فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ نَائِبُ الشِّحْنَةِ فِي خَمْسِينَ غُلَامًا أَتْرَاكًا، فَقَاتَلَهُمْ، فَانْهَزَمَ مِنْهُمْ، ثُمَّ عَبَرَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْغَدِ فِي مِائَتَيْ غُلَامٍ، فَلَمْ يَظْفَرْ بِهِمْ، وَنَهَبَ الْعَيَّارُونَ يَوْمَئِذٍ قُطُفْتَا.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَعْبَانَ، تُوُفِّيَ أَبُو الْفَضْلِ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْفَضْلِ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ وَلَدِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ مِنْ بَلَدِ بُخَارَى، وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ، حَافِظًا لِلْمَذْهَبِ.
وَتُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الزَّيْنَبِيُّ، نَقِيبُ النُّقَبَاءِ بِبَغْدَاذَ، فِي صَفَرٍ، وَاسْتَقَالَ مِنَ النِّقَابَةِ، فَوَلِيَهَا أَخُوهُ طَرَّادٌ، وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ الْحَنَفِيَّةِ، وَرَوَى الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ.