وَأَمَّا أَهْلُ طَرَابُلُسَ، فَإِنَّهُمْ رَاسَلُوا الْأَفْضَلَ أَمِيرَ الْجُيُوشِ بِمِصْرَ يَلْتَمِسُونَ مِنْهُ وَالِيًا يَكُونُ عِنْدَهُمْ، وَمَعَهُ الْمِيرَةُ فِي الْبَحْرِ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ شَرَفَ الدَّوْلَةِ بْنَ أَبِي الطَّيِّبِ وَالِيًا، وَمَعَهُ الْغَلَّةُ وَغَيْرُهَا مِمَّا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْبِلَادُ فِي الْحِصَارِ، فَلَمَّا صَارَ فِيهَا قَبَضَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ ابْنِ عَمَّارٍ وَأَصْحَابِهِ، وَأَخَذَ مَا وَجَدَهُ مِنْ ذَخَائِرِهِ وَآلَاتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَحُمِلَ الْجَمِيعُ إِلَى مِصْرَ فِي الْبَحْرِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَعْبَانَ، أَطْلَقَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ الضَّرَائِبَ وَالْمُكُوسَ، وَدَارَ الْبَيْعِ، وَالِاجْتَيَازَاتِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُنَاسِبُهُ بِالْعِرَاقِ، وَكُتِبَتْ بِهِ الْأَلْوَاحُ، وَجُعِلَتْ فِي الْأَسْوَاقِ.
وَفِيهَا، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وُلِّيَ الْقَاضِي أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ الرُّطَبِيِّ الْحِسْبَةَ بِبَغْدَاذَ.
وَفِيهِ أَيْضًا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ وَزِيرَهُ مَجْدَ الدِّينِ بْنَ الْمُطَّلِبِ بِرِسَالَةٍ مِنَ السُّلْطَانِ بِذَلِكَ، ثُمَّ أُعِيدَ إِلَى الْوِزَارَةِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، وَشَرَّطَهُ عَلَيْهِ شُرُوطًا مِنْهَا: الْعَدْلُ وَحُسْنُ السِّيرَةِ، وَأَنْ لَا يَسْتَعْمِلَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
وَفِيهَا عَادَ أَصْبَهْبَذُ صَبَاوَةَ مِنْ دِمَشْقَ، وَكَانَ هَرَبَ عِنْدَ قَتْلِ إِيَازَ، فَلَمَّا قَدِمَ أَكْرَمَهُ السُّلْطَانُ، وَأَقْطَعُهُ رَحْبَةَ مَالِكِ بْنِ طَوْقٍ.
وَفِيهَا، سَابِعَ شَوَّالٍ، خَرَجَ السُّلْطَانُ إِلَى ظَاهِرِ بَغْدَاذَ، عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَكَانَ مُقَامُهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا.