الْحَارِثَ بَعْدَ قَتْلِ خَالِدٍ وَهَرَبِهِ، فَقِيلَ لَهُ: كَانَ قَصَدَ الْحِيرَةَ وَنَزَلَ عَلَى عِيَاضِ بْنِ دَيْهَثٍ التَّمِيمِيِّ وَهُوَ صَدِيقٌ لَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ النُّعْمَانُ فَأَخَذَ إِبِلًا لَهُ، فَرَكِبَ الْحَارِثُ وَأَتَى الْحِيرَةَ مُتَخَفِّيًا وَاسْتَنْقَذَ مَالَهُ مِنَ الرِّعَاءِ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَطَلَبَ شَيْئًا يَغِيظُ بِهِ النُّعْمَانَ، فَرَأَى ابْنَهُ غَضْبَانَ فَضَرَبَ رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، وَبَلَغَ النُّعْمَانَ الْخَبَرُ فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ فَلَمْ يُدْرَكْ، فَقَالَ الْحَارِثُ فِي ذَلِكَ:
أَخُصْيَيْ حِمَارٍ بَاتَ يَكْدُمُ نَجْمَةً ... أَتُؤْكَلُ جَارَاتِي وَجَارُكَ سَالِمُ
فَإِنْ تَكُ أَذْوَادًا أَصَبْتَ وَنِسْوَةً ... فَهَذَا ابْنُ سَلْمَى رَأْسُهُ مُتَفَاقِمُ
عَلَوْتُ بِذِي الْحَيَّاتِ مَفْرِقَ رَأْسِهِ ... وَلَا يَرْكَبُ الْمَكْرُوهَ إِلَّا الْأَكَارِمُ
فَتَكْتُ بِهِ كَمَا فَتَكْتُ بِخَالِدٍ ... وَكَانَ سِلَاحِي تَحْتَوِيهِ الْجَمَاجِمُ
بَدَأْتُ بِتِلْكَ وَانْثَنَيْتُ بِهَذِهِ ... وَثَالِثَةٌ تَبْيَضُّ مِنْهَا الْمَقَادِمُ
حَسِبْتَ أَبَا قَابُوسَ أَنَّكَ مُخْفِرِي ... وَلَمَّا تَذُقْ ثُكْلًا وَأَنْفُكَ رَاغِمُ