الْأَمْوَالِ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، فَكَانَتِ السَّيَّارَةُ، إِذَا بَلَغُوا قَرْيَةً مِنْ بِلَادِهِ، أَلْقَوْا رِحَالَهُمْ وَنَامُوا، وَحَرَسَهُمْ أَهْلُ الْقَرْيَةِ إِلَى أَنْ يَرْحَلُوا، فَأَمِنَتِ الطُّرُقُ.
وَأَمَّا وَفَاؤُهُ، وَحُسْنُ عَهْدِهِ، فَيَكْفِيهِ فَخْرًا أَنَّهُ قُتِلَ فِي حِفْظِ بَيْتِ صَاحِبِهِ وَوَلِيِّ نِعْمَتِهِ.
فَلَمَّا مَلَكَ تُتُشْ حَرَّانَ وَالرُّهَا سَارَ إِلَى الدِّيَارِ الْجَزَرِيَّةِ فَمَلَكَهَا جَمِيعَهَا، ثُمَّ مَلَكَ دِيَارَ بَكْرٍ وَخِلَاطٍ، وَسَارَ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ فَمَلَكَ بِلَادَهَا كُلَّهَا، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى هَمَذَانَ فَمَلَكَهَا، وَرَأَى بِهَا فَخْرَ الْمُلْكِ بْنَ نِظَامِ الْمُلْكِ، وَكَانَ بِخُرَاسَانَ، فَسَارَ مِنْهَا إِلَى السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ لِيَخْدِمَهُ، فَوَقَعَ عَلَيْهِ الْأَمِيرُ قِمَاجُ، وَهُوَ مِنْ عَسْكَرِ مَحْمُودِ ابْنِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ بِأَصْبَهَانَ، فَنَهَبَ فَخْرَ الْمُلْكِ، فَهَرَبَ مِنْهُ وَنَجَا بِنَفْسِهِ، فَجَاءَ إِلَى هَمَذَانَ فَصَادَفَهُ تُتُشْ بِهَا، فَأَرَادَ قَتْلَهُ، فَشَفَعَ فِيهِ يَاغِي سِيَانَ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْزِرَهُ لِمَيْلِ النَّاسِ إِلَى بَيْتِهِ، فَاسْتَوْزَرَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى بَغْدَاذَ يَطْلُبُ الْخُطْبَةَ مِنَ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ، وَكَانَ شِحْنَتُهُ بِبَغْدَاذَ أَيْتَكِينَ جَبَّ، فَلَازَمَ الْخِدْمَةَ بِالدِّيوَانِ، وَأَلَحَّ فِي طَلَبِهَا، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ سَمِعُوا أَنَّ بَرْكِيَارُقَ قَدِ انْهَزَمَ مِنْ عَسْكَرِ عَمِّهِ تُتُشْ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
ذِكْرُ انْهِزَامِ بَرْكِيَارُقَ مِنْ عَمِّهِ تُتُشْ وَمَلْكِهِ أَصْبَهَانَ بَعْدَ ذَلِكَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَوَّالٍ، انْهَزَمَ بَرْكِيَارُقُ مِنْ عَسْكَرِ عَمِّهِ تُتُشْ. وَكَانَ بَرْكِيَارُقُ بِنَصِيبِينَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِمَسِيرِ عَمِّهِ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، سَارَ هُوَ مِنْ نَصِيبِينَ، وَعَبَرَ دِجْلَةَ مِنْ بَلَدٍ فَوْقَ الْمَوْصِلِ، وَسَارَ إِلَى إِرْبِلَ، وَمِنْهَا إِلَى بَلَدِ سُرْخَابَ بْنِ بَدْرٍ إِلَى أَنْ بَقِيَ