وَكَانَ الضَّرَرُ بِهِ، وَبِأَوْلَادِهِ عَظِيمًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَحَصَرُوا الْبَلَدَ، وَضَيَّقُوا عَلَى مَنْ بِهِ، فَمَلَكَهُ تَاجُ الدَّوْلَةِ، وَأَخَذَ ابْنَ مُلَاعِبٍ وَوَلَدَيْهِ، وَسَارَ إِلَى قَلْعَةِ عِرْقَةَ فَمَلَكَهَا عَنْوَةً، وَسَارَ إِلَى قَلْعَةِ أَفَامِيَةَ فَمَلَكَهَا أَيْضًا، وَكَانَ بِهَا خَادِمٌ لِلْمِصْرِيِّ، فَنَزَلَ بِالْأَمَانِ فَأَمَّنَهُ، ثُمَّ سَارَ إِلَى طَرَابُلُسَ فَنَازَلَهَا، فَرَأَى صَاحِبُهَا جَلَالُ الْمُلْكِ بْنُ عَمَّارٍ جَيْشًا لَا يُدْفَعُ إِلَّا بِحِيلَةٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ مَعَ تَاجِ الدَّوْلَةِ، وَأَطْمَعَهُمْ لِيُصْلِحُوا حَالَهُ، فَلَمْ يَرَ فِيهِمْ مَطْمَعًا.
وَكَانَ مَعَ قَسِيمِ الدَّوْلَةِ آقْسَنْقَرَ وَزِيرٌ لَهُ اسْمُهُ زَرِينُ كَمَرْ، فَرَاسَلَهُ ابْنُ عَمَّارٍ فَرَأَى عِنْدَهُ لِينًا، فَأَتْحَفَهُ، وَأَعْطَاهُ، فَسَعَى مَعَ صَاحِبِهِ قَسِيمَ الدَّوْلَةِ فِي إِصْلَاحِ حَالِهِ لِيَدْفَعَ عَنْهُ، وَحَمَلَ لَهُ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَتُحَفًا بِمِثْلِهَا، وَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَنَاشِيرَ الَّتِي بِيَدِهِ مِنَ السُّلْطَانِ بِالْبَلَدِ، وَالتَّقَدُّمَ إِلَى النُّوَّابِ بِتِلْكَ الْبِلَادِ بِمُسَاعَدَتِهِ، وَالشَّدَّ مَعَهُ، وَالتَّحْذِيرَ مِنْ مُحَارَبَتِهِ، فَقَالَ آقْسَنْقَرُ لِتَاجِ الدَّوْلَةِ تُتُشْ: لَا أُقَاتِلُ مَنْ هَذِهِ الْمَنَاشِيرُ بِيَدِهِ، فَأَغْلَظَ لَهُ تَاجُ الدَّوْلَةِ، وَقَالَ: هَلْ أَنْتَ إِلَّا تَابِعٌ لِي؟ فَقَالَ آقْسَنْقَرُ: أَنَا أُتَابِعُكَ إِلَّا فِي مَعْصِيَةِ السُّلْطَانِ، وَرَحَلَ مِنَ الْغَدِ عَنْ مَوْضِعِهِ، فَاضْطَرَّ تَاجُ الدَّوْلَةِ إِلَى الرَّحِيلِ، فَرَحَلَ غَضْبَانَ، وَعَادَ بُوزَانُ أَيْضًا إِلَى بِلَادِهِ، فَانْتَقَضَ هَذَا الْأَمْرَ.
ذِكْرُ مَلْكِ السُّلْطَانِ الْيَمَنَ
وَكَانَ مِمَّنْ حَضَرَ أَيْضًا عِنْدَ السُّلْطَانِ بِبَغْدَاذَ جَبَقُ أَمِيرُ التُّرْكُمَانِ، وَهُوَ صَاحِبُ قِرْمِيسِينَ وَغَيْرِهَا، فَأَمَرَهُ السُّلْطَانُ أَنْ يَسِيرَ هُوَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أُمَرَاءَ السُّلْطَانِ