فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ وَكَانَ مُتَوَجِّهًا إِلَى قُرْطُبَةَ لِيُحَاصِرَهَا، فَلَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ عَادَ إِلَى طُلَيْطُلَةَ لِيَجْمَعَ آلَاتِ الْحِصَارِ، وَرَحَلَ الْمُعْتَمِدُ إِلَى إِشْبِيلِيَّةَ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ ابْنِ جَهِيرٍ عَلَى آمِدَ.
فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ ابْنُ جَهِيرٍ آمِدَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ فَخْرَ الدَّوْلَةِ بْنَ جَهِيرٍ كَانَ قَدْ أَنْفَذَ إِلَيْهَا وَلَدَهُ زَعِيمَ الرُّؤَسَاءِ أَبَا الْقَاسِمِ، وَمَعَهُ جَنَاحُ الدَّوْلَةِ، الْمَعْرُوفُ بِالْمُقَدَّمِ السَّالَارِ، وَأَرَادُوا قَلْعَ كُرُومِهَا وَبَسَاتِينِهَا، وَلَمْ يَطْمَعْ مَعَ ذَلِكَ فِي فَتْحِهَا لِحَصَانَتِهَا، فَعَمَّ أَهْلَهَا الْجُوعُ وَتَعَذَّرَتِ الْأَقْوَاتُ، وَكَادُوا يَهْلِكُونَ وَهُمْ صَابِرُونَ عَلَى الْحِصَارِ، غَيْرُ مُكْتَرِثِينَ لَهُ.
فَاتَّفَقَ أَنَّ بَعْضَ الْجُنْدِ نَزَلَ مِنَ السُّورِ لِحَاجَةٍ لَهُمْ، وَتَرَكُوا أَسْلِحَتَهُمْ مَكَانَهَا، فَصَعِدَ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ عَدَدٌ مِنَ الْعَامَّةِ تَقَدَّمَهُمْ رَجُلٌ مِنَ السَّوَادِ يُعْرَفُ بِأَبِي الْحَسَنِ فَلَبِسَ السِّلَاحَ، وَوَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَنَادَى بِشِعَارِ السُّلْطَانِ وَفَعَلَ مَنْ مَعَهُ كَفِعْلِهِ، وَطَلَبُوا زَعِيمَ الرُّؤَسَاءِ فَأَتَاهُمْ وَمَلَكَ الْبَلَدَ، وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى نَهْبِ بُيُوتِ النَّصَارَى لِمَا كَانُوا يَلْقَوْنَ مِنْ نُوَّابِ بَنِي مَرْوَانَ مِنَ الْجَوْرِ وَالْحُكْمِ، وَكَانَ أَكْثَرُهُمْ نَصَارَى، فَانْتَقَمُوا مِنْهُمْ.
ذِكْرُ مِلْكِهِ أَيْضًا مَيَّافَارِقِينَ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا، فِي سَادِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ، مَلَكَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ مَيَّافَارِقِينَ، وَكَانَ مُقِيمًا عَلَى حِصَارِهَا، فَوَصَلَ إِلَيْهِ سَعْدُ الدَّوْلَةِ كُوهَرَائِينْ فِي عَسْكَرِهِ نَجْدَةً لَهُ