الشَّامِ، وَمَا وَالَاهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَكَانَ فِي يَدِهِ دِيَارُ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ وَالْمَوْصِلِ وَحَلَبَ، وَمَا كَانَ لِأَبِيهِ وَعَمِّهِ قِرْوَاشَ، وَكَانَ عَادِلًا، حَسَنَ السِّيرَةِ، وَالْأَمْنُ فِي بِلَادِهِ عَامٌّ، وَالرُّخْصُ شَامِلٌ، وَكَانَ يَسُوسُ بِلَادَهُ سِيَاسَةً عَظِيمَةً بِحَيْثُ يَسِيرُ الرَّاكِبُ وَالرَّاكِبَانِ فَلَا يَخَافَانِ شَيْئًا. وَكَانَ لَهُ فِي كُلِّ بَلَدٍ وَقَرْيَةٍ عَامِلٌ، وَقَاضٍ، وَصَاحِبُ خَبَرٍ، بِحَيْثُ لَا يَتَعَدَّى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ.

وَلَمَّا قُتِلَ قَصَدَ بَنُو عُقَيْلٍ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ قُرَيْشٍ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ، فَأَخْرَجُوهُ وَمَلَّكُوهُ أَمْرَهُمْ، وَكَانَ قَدْ مَكَثَ فِي الْحَبْسِ سِنِينَ كَثِيرَةً بِحَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَشْيُ وَالْحَرَكَةُ لَمَّا أُخْرِجَ، وَلَمَّا قُتِلَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ سَارَ سُلَيْمَانُ بْنُ قُتُلْمِشْ إِلَى حَلَبَ فَحَصَرَهَا مُسْتَهَلَّ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، فَأَقَامَ عَلَيْهَا إِلَى خَامِسِ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنَ السَّنَةِ، فَلَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا غَرَضًا، فَرَحَلَ عَنْهَا.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ.

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي صَفَرٍ، انْقَضَّ كَوْكَبٌ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، كَانَ حَجْمُهُ كَالْقَمَرِ وَضَوْءُهُ كَضَوْئِهِ، وَسَارَ مَدًى بَعِيدًا عَلَى مَهَلٍ وَتُؤَدَةٍ فِي نَحْوِ سَاعَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهٌ مِنَ الْكَوَاكِبِ.

وَفِيهَا وُلِدَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ بْنُ مَلِكْشَاهْ فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، بِمَدِينَةٍ سِنْجَارَ مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ مُقَارِبَ الْمَوْصِلِ بَيْنَهُمَا يَوْمَانِ، عِنْدَ نُزُولِ السُّلْطَانِ بِهَا، وَسَمَّاهُ أَحْمَدَ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ سَنْجَرْ بَاسِمِ الْمَدِينَةِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015