قَارَبَهَا امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ مُقَدِّمُهُمْ يُعْرَفُ بِابْنِ الْحُتَيْتِيِّ الْعَبَّاسِيِّ، فَاتَّفَقَ أَنَّ وَلَدَهُ خَرَجَ يَتَصَيَّدُ بِضَيْعَةٍ لَهُ، فَأَسَرَهُ أَحَدُ التُّرْكُمَانِ وَهُوَ صَاحِبُ حِصْنٍ بِنَوَاحِي حَلَبَ، وَأَرْسَلَهُ إِلَى شَرَفِ الدَّوْلَةِ، فَقَرَّرَ مَعَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْبَلَدَ إِلَيْهِ إِذَا أَطْلَقَهُ، فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ، فَأَطْلَقَهُ، فَعَادَ إِلَى حَلَبَ، وَاجْتَمَعَ بِأَبِيهِ، وَعَرَّفَهُ مَا اسْتَقَرَّ، فَأَذْعَنَ إِلَى تَسْلِيمِ الْبَلَدِ، وَنَادَى بِشِعَارِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَسَلَّمَ الْبَلَدَ إِلَيْهِ، فَدَخَلَهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، وَحَصَرَ الْقَلْعَةَ، وَاسْتَنْزَلَ مِنْهَا سَابِقًا وَوَثَّابًا ابْنَيْ مَحْمُودِ بْنِ مِرْدَاسٍ، فَلَمَّا مَلَكَ الْبَلَدَ أَرْسَلَ وَلَدَهُ، وَهُوَ ابْنُ عَمَّةِ السُّلْطَانِ، إِلَى السُّلْطَانِ يُخْبِرُهُ بِمِلْكِ الْبَلَدِ، وَأَنْفَذَ مَعَهُ شَهَادَةً فِيهَا خُطُوطُ الْمُعَدَّلِينَ بِحَلَبَ بِضَمَانِهَا، وَسَأَلَ أَنْ يُقَرِّرَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ، فَأَجَابَهُ السُّلْطَانُ إِلَى مَا طَلَبَ، وَأَقْطَعَ ابْنَ عَمَّتِهِ مَدِينَةَ بَالِسَ.
ذِكْرُ مَسِيرِ مَلِكْشَاهْ إِلَى كَرْمَانَ.
فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ إِلَى بِلَادِ كَرْمَانَ، فَلَمَّا سَمِعَ صَاحِبُهَا سُلْطَانْشَاهْ بْنُ قَاوَرْتَ بِكْ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ السُّلْطَانِ، بِوُصُولِهِ إِلَيْهَا خَرَجَ إِلَى طَرِيقِهِ وَلَقِيَهُ وَحَمَلَ لَهُ الْهَدَايَا الْكَثِيرَةَ، وَخَدَمَهُ، وَبَالَغَ فِي الْخِدْمَةِ، فَأَقَرَّهُ السُّلْطَانُ عَلَى الْبِلَادِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَعَادَ عَنْهُ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] إِلَى أَصْبَهَانَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وُلِدَ لِلْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَدٌ سَمَّاهُ مُوسَى، وَكَنَّاهُ أَبَا جَعْفَرٍ، وَزُيِّنَتْ بَغْدَاذُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ.
وَفِيهَا وَصَلَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ إِلَى خُوزِسْتَانَ مُتَصَيِّدًا، فَوَصَلَ مَعَهُ خُمَارَتِكِين