وَأَمَّا الطُّغْرَائِيُّ فَإِنَّهُ أُدْرِكَ بِبَرُوجِرْدَ فَقَالَ أَوْلَادُ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ لِلسُّلْطَانِ: إِنَّ هَذَا قَتَلَ أَبَانَا، وَنَسْأَلُ أَنْ نُمَكَّنَ مِنْ قَتْلِهِ، وَأَعَانَهُمْ عَمِيدُ الْمُلْكِ، فَأَذِنَ لَهُمْ فِي قَتْلِهِ، فَسَارُوا إِلَى طَرِيقِهِ وَقَتَلُوهُ، وَجَعَلَ مَكَانَهُ سَاوَتِكِينَ، وَبَسَطَ الْكُنْدُرِيُّ لِسَانَهُ. وَطَلَبَ طُغْرُلْبِكِ ابْنَةَ أَخِيهِ، زَوْجَةَ الْخَلِيفَةِ، لِتُعَادَ إِلَيْهِ، وَجَرَى مَا كَادَ يَقْضِي إِلَى الْفَسَادِ الْكُلِّيِّ.
فَلَمَّا رَأَى الْخَلِيفَةُ شِدَّةَ الْأَمْرِ أَذِنَ فِي ذَلِكَ، وَكَتَبَ الْوِكَالَةَ بِاسْمِ عَمِيدِ الْمُلْكِ، وَسُيِّرَتِ الْكُتُبُ مَعَ أَبِي الْغَنَائِمِ بْنِ الْمَحْلَبَانِ، وَكَانَ الْعَقْدُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ بِظَاهِرِ تِبْرِيزَ، وَهَذَا مَا لَمْ يُجْرَ لِلْخُلَفَاءِ مِثْلُهُ، فَإِنَّ بَنِي بُوَيْهِ مَعَ تَحَكُّمِهِمْ وَمُخَالَفَتِهِمْ لِعَقَائِدِ الْخُلَفَاءِ لَمْ يَطْمَعُوا فِي مِثْلِ هَذَا وَلَا سَامُوهُمْ فِعْلَهُ.
وَحَمَلَ السُّلْطَانُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، وَجَوَاهِرَ نَفِيسَةً لِلْخَلِيفَةِ، وَلِوَلِيِّ الْعَهْدِ، وَلِلْجِهَةِ الْمَطْلُوبَةِ، وَلِوَالِدَتِهَا، وَغَيْرِهِمْ، وَجَعَلَ بَعْقُوبَا وَمَا كَانَ بِالْعِرَاقِ لَلْخَاتُونَ زَوْجَةِ السُّلْطَانِ الَّتِي تُوُفِّيَتْ لِلسَّيِّدَةِ ابْنَةِ الْخَلِيفَةِ.
ذِكْرُ عَزْلِ ابْنِ دَارَسَتْ وَوِزَارَةِ ابْنِ جَهِيرٍ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عُزِلَ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ دَارَسَتْ مِنْ وِزَارَةِ الْخَلِيفَةِ.
وَسَبَبُهُ أَنَّهُ وَصَلَ مَعَهُ إِنْسَانٌ يَهُودِيٌّ يُقَالُ لَهُ ابْنُ عَلَّانَ، فَضَمِنَ أَعْمَالَ الْوُكَلَاءِ الَّتِي لِخَاصِّ الْخَلِيفَةِ بِسِتَّةِ آلَافِ كُرٍّ غَلَّةً، وَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَصَحَّ مِنْهَا أَلْفَا كُرٍّ، وَثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَانْكَسَرَ الْبَاقِي، فَظَهَرَ عَجْزُ ابْنِ دَارَسَتْ وَوَهَنُهُ، فَعُزِلَ إِلَى الْأَهْوَازِ، فَتُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] .
وَكَانَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ أَبُو نَصْرِ بْنُ جَهِيرٍ، وَزِيرُ نَصْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ مَرْوَانَ، قَدْ أَرْسَلَ