وَبَلَغَ فِي غَزْوَتِهِ هَذِهِ إِلَى أَرْزَنَ الرُّومِ، وَعَادَ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ لَمَّا هَجَمَ الشِّتَاءُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْلِكَ مَلَازْكِرْدَ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يُقِيمُ إِلَى أَنْ يَنْقَضِيَ الشِّتَاءُ، وَيَعُودَ يُتِمَّ غَزَاتِهِ، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى الرَّيِّ فَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، وَعَادَ نَحْوَ الْعِرَاقِ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ مُحَارَبَةِ بَنِي خَفَاجَةَ وَهَزِيمَتِهِمْ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَجَبٍ قَصَدَ بَنُو خَفَاجَةَ الْجَامِعَيْنِ وَأَعْمَالَ نُورِ الدَّوْلَةِ دُبَيْسٍ، وَنَهَبُوا وَفَتَكُوا فِي أَهْلِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ، وَكَانَ نُورُ الدَّوْلَةِ شَرْقِيَّ الْفُرَاتِ، وَخَفَاجَةُ غَرْبِيَّهَا، فَأَرْسَلَ نُورُ الدَّوْلَةِ إِلَى الْبَسَاسِيرِيِّ يَسْتَنْجِدُهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَصَلَ عَبَرَ الْفُرَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَقَاتَلَ خَفَاجَةَ وَأَجْلَاهُمْ عَنِ الْجَامِعَيْنِ، فَانْهَزَمُوا مِنْهُ وَدَخَلُوا الْبَرَّ، فَلَمْ يَتْبَعْهُمْ وَعَادَ عَنْهُمْ، فَرَجَعُوا إِلَى الْفَسَادِ، فَاسْتَعَدَّ لِسُلُوكِ الْبَرِّ خَلْفَهُمْ أَيْنَ قَصَدُوا، وَعَطَفَ نَحْوَهُمْ قَاصِدًا حَرْبَهُمْ، فَدَخَلُوا الْبَرَّ أَيْضًا، فَتَبِعَهُمْ فَلَحِقَهُمْ بِخَفَّانَ، وَهُوَ حِصْنٌ بِالْبَرِّ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ، (وَقَتَلَ مِنْهُمْ) وَنَهَبَ أَمْوَالَهُمْ وَجِمَالَهُمْ وَعَبِيدَهُمْ وَإِمَاءَهُمْ، وَشَرَّدَهُمْ كُلَّ مُشَرَّدٍ، وَحَصَرَ خَفَّانَ فَفَتَحَهُ وَخَرَّبَهُ، وَأَرَادَ تَخْرِيبَ الْقَائِمِ بِهِ، وَهُوَ بِنَاءٌ مِنْ آجُرٍّ وَكِلْسٍ، وَصَانَعَ عَنْهُ صَاحِبَهُ رَبِيعَةَ بْنَ مُطَاعٍ بِمَالٍ بَذَلَهُ، فَتَرَكَهُ وَعَادَ إِلَى الْبِلَاد ِ.
وَهَذَا الْقَائِمُ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ عَلَمًا يَهْتَدِي بِهِ السُّفُنُ لَمَّا كَانَ الْبَحْرُ يَجِيءُ إِلَى النَّجَفِ. وَدَخَلَ بَغْدَاذَ وَمَعَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا مِنْ خَفَاجَةَ عَلَيْهِمُ الْبَرَانِسُ، وَقَدْ شَدَّهُمْ بِالْحِبَالِ إِلَى الْجِمَالِ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً، وَصَلَبَ جَمَاعَةً، وَتَوَجَّهَ إِلَى حَرْبَى فَحَصَرَهَا، وَقَرَّرَ عَلَى أَهْلِهَا تِسْعَةَ آلَافِ دِينَارٍ، وَأَمَّنَهُم ْ.