أَيْضًا مُنْحَرِفٌ عَنْهُمْ، فَاضْطَرَّ إِلَى صُحْبَةِ الْبَغْدَاذِيِّينَ، فَعَادَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَأَقَامَ بِهَا، وَاسْتَخْلَفَ بِأَرَّجَانَ أَخَوَيْهِ أَبَا سَعْدٍ وَأَبَا طَالِبٍ، وَوَقَعَ الْخُلْفُ بِفَارِسَ، فَإِنَّ الْأَمِيرَ أَبَا مَنْصُورٍ فُولَاسْتُونَ، وَكَانَ قَدْ خَلُصَ وَصَارَ بِقَلْعَةِ إِصْطَخْرَ، وَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْعَسْكَرِ الْفَارِسِيِّ، فَلَمَّا عَادَ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ إِلَى الْأَهْوَازِ انْبَسَطَ فِي الْبِلَادِ، وَقَصَدَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعَسَاكِرِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى بِلَادِ فَارِسَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى أَرَّجَانَ عَازِمًا عَلَى قَصْدِ الْأَهْوَازِ وَأَخْذِهَا.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْبَسَاسِيرِيِّ وَعُقَيْلٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ جَمْعٌ مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ إِلَى بَلَدِ الْعَجَمِ مِنْ أَعْمَالِ الْعِرَاقِ وَبَادُورْيَا، فَنَهَبُوهُمَا وَأَخَذُوا مِنَ الْأَمْوَالِ الْكَثِيرَ، وَكَانَا فِي إِقْطَاعِ الْبَسَاسِيرِيِّ، فَسَارَ مِنْ بَغْدَاذَ بَعْدَ عَوْدِهِ مِنْ فَارِسَ إِلَيْهِمْ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَزَعِيمُ الدَّوْلَةِ أَبُو كَامِلِ بْنُ الْمُقَلِّدِ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا أَبْلَى الْفَرِيقَانِ فِيهِ بَلَاءً حَسَنًا، (وَصَبَرَا صَبْرًا جَمِيلًا، وَقُتِلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ) .
ذِكْرُ الْوَحْشَةِ بَيْنَ طُغْرُلْبَك وَأَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَوْحَشَ إِبْرَاهِيمُ يَنَّالُ مِنْ أَخِيهِ السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَكْ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ طُغْرُلْبَك طَلَبَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ مَدِينَةَ هَمَذَانَ (وَالْقِلَاعَ الَّتِي بِيَدِهِ مِنْ بَلَدِ الْجَبَلِ) فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَاتَّهَمَ وَزِيرَهُ أَبَا عَلِيٍّ بِالسَّعْيِ بَيْنَهُمَا فِي الْفَسَادِ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَسَمَلَ إِحْدَى عَيْنَيْهِ، وَقَطَعَ شَفَتَيْهِ، وَسَارَ عَنْ طُغْرُلْبَك، وَجَمَعَ جَمْعًا مِنْ عَسْكَرِهِ، وَالْتَقَيَا، وَكَانَ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ قِتَالٌ شَدِيدٌ انْهَزَمَ [فِيهِ] يَنَّالُ وَعَادَ مُنْهَزِمًا، فَسَارَ طُغْرُلْبَك فِي أَثَرِهِ، فَمَلَكَ قِلَاعَهُ وَبِلَادَهُ جَمِيعَهُا.