مُقَابِلُهُ، فَتَجَدَّدَ قَتْلُ مَسْعُودٍ، فَعَادَ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا، فَلَمَّا تَجَدَّدَ هَذَا الظَّفَرُ لِمَوْدُودٍ ثَارَ أَهْلُ هَرَاةَ بِمَنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الْغُزِّ السَّلْجُوقِيَّةِ، فَأَخْرَجُوهُمْ وَحَفِظُوهَا لِمَوْدُودٍ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ لِمَوْدُودٍ بِغَزْنَةَ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ هَمٌّ إِلَّا أَمْرُ أَخِيهِ مَجْدُودٍ، فَإِنَّ أَبَاهُ قَدْ سَيَّرَهُ إِلَى الْهِنْدِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] فَخَافَ أَنْ يُخَالَفَ عَلَيْهِ، فَأَتَاهُ خَبَرُهُ أَنَّهُ قَصَدَ لَهَاوُورَ وَمُلْتَانَ، فَمَلَكَهُمَا، وَأَخَذَ الْأَمْوَالَ وَجَمَعَ بِهَا الْعَسَاكِرَ، وَأَظْهَرَ الْخِلَافَ عَلَى أَخِيهِ، فَنَدَبَ إِلَيْهِ مَوْدُودٌ جَيْشًا لِيَمْنَعُوهُ وَيُقَاتِلُوهُ، وَعَرَضَ مَجْدُودٌ عَسْكَرَهَ لِلْمَسِيرِ، وَحَضَرَ عِيدُ الْأَضْحَى، فَبَقِيَ بَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَصْبَحَ مَيِّتًا بِلَهَاوُورَ لَا يُدْرَى كَيْفَ كَانَ مَوْتُهُ، وَأَطَاعَتِ الْبِلَادُ بِأَسْرِهَا مَوْدُودًا، وَرَسَتْ قَدَمُهُ، وَثَبَتَ مُلْكُهُ، وَلَمَّا سَمِعَتِ الْغُزُّ السَّلْجُوقِيَّةُ ذَلِكَ خَافُوهُ، وَاسْتَشْعَرُوا مِنْهُ، وَرَاسَلَهُ مَلِكُ التُّرْكِ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ بِالِانْقِيَادِ وَالُمْتَابَعَةِ.

ذِكْرُ الْخُلْفِ بَيْنَ جَلَالِ الدَّوْلَةِ وَقِرْوَاشٍ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ اخْتَلَفَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ مَلِكُ الْعِرَاقِ وَقِرْوَاشُ بْنُ الْمُقَلَّدِ الْعُقَيْلِيُّ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ قِرْوَاشًا كَانَ قَدْ أَنْفَذَ عَسْكَرًا سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] فَحَصَرُوا خَمِيسَ بْنَ ثَعْلَبٍ بِتَكْرِيتَ، وَجَرَى بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا، فَأَرْسَلَ خَمِيسٌ وَلَدَهُ إِلَى الْمَلِكِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَبَذَلَ بَذُولًا كَثِيرَةً لِيَكُفَّ عَنْهُ قِرْوَاشًا، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَى قِرْوَاشٍ يَأْمُرُهُ بِالْكَفِّ عَنْهُ، فَغَالَطَ وَلَمْ يَفْعَلْ، وَسَارَ بِنَفْسِهِ وَنَزَلَ عَلَيْهِ يُحَاصِرُهُ، فَتَأَثَّرَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ مِنْهُ.

ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ كُتُبًا إِلَى الْأَتْرَاكِ بِبَغْدَادَ يُفْسِدُهُمْ، وَأَشَارَ عَلَيْهِمْ بِالشَّغَبِ عَلَى الْمَلِكِ وَإِثَارَةِ الْفِتْنَةِ مَعَهُ، فَوَصَلَ خَبَرُهَا إِلَى جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَانَتْ هَذِهِ هِيَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015